مذكرة أستانا صيغة لتقسيم سورية
آخر تحديث GMT 08:27:38
 فلسطين اليوم -

مذكرة أستانا صيغة لتقسيم سورية

 فلسطين اليوم -

مذكرة أستانا صيغة لتقسيم سورية

بقلم - خير الله خير الله

هل تبتلع الولايات المتحدة طعما اسمه مذكرة أستانا التي تضع الأسس لصيغة تنتهي بتقسيم سورية لمصلحة إيران وروسيا وتركيا؟

ليس في المذكرة المتعلقة بإقامة “مناطق خفض التصعيد” التي وقعتها روسيا وإيران وتركيا في أستانا ما يبشر بالخير بالنسبة إلى مستقبل سوريا. هذا عائد أساسا إلى وجود طرفين، على الأقل، يشاركان في الحرب على الشعب السوري. يعتبر كل من هذين الطرفين نفسه “ضامنا” لخفض التصعيد في مناطق معيّنة لم تحددها بوضوح المذكرة التي صدرت عن اجتماع أستانا.

الأكيد، من متابعة مجريات الأمور، أنّ هذه المناطق تصلح أساسا لتقسيم سوريا في ظل رغبة كل طرف من الأطراف المعنية مباشرة بمستقبلها بحصول مثل هذا الأمر بإشراف النظام الذي أسسه حافظ الأسد ويديره حاليا بشار الأسد. هل من وظيفة أخرى لهذا النظام الذي أخذ على عاتقه الانتهاء من سوريا بمجرّد أنّها لم تعد “سوريا الأسد”؟.

يؤكّد مثل هذه الرغبة في إيجاد غطاء دولي لتقسيم سوريا تقديم روسيا مشروع قرار إلى مجلس الأمن يدعو صراحة إلى تأييد المجلس لما صدر عن الاجتماع الأخير في أستانا.

مطلوب صراحة من مجلس الأمن توفير غطاء لعملية تقسيم سوريا كي تصبح هناك مناطق نفوذ لروسيا وإيران وتركيا وإسرائيل… والولايات المتحدة. الأهمّ من ذلك كّلّه، مطلوب أن تكون هناك منطقة عازلة بين إسرائيل وسوريا، ليست روسيا بعيدة عن مشروع إقامتها في ضوء التفاهمات القائمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.

ليس سرّا أن الطرفين المشاركين مباشرة في الحرب على الشعب السوري هما إيران وروسيا، فيما الطرف الثالث وهو تركيا يعاني من تعقيدات ذات طابع داخلي وإقليمي ودولي في الوقت ذاته. هناك تحد كبير أمام الرئيس رجب طيب أردوغان الذي عليه أن يظهر أنّه لا يزال قادرا على تحقيق نتائج إيجابية على صعيد الوضع الاقتصادي التركي.

وهناك العقدة الكردية والمخاوف من قيام كيان للأكراد في الشمال السوري قد يجد له امتدادات في دول الجوار، بما في ذلك تركيا نفسها. وهناك من دون أدنى شك حال التذبذب التي تمرّ بها العلاقات التركية – الأميركية. لم تتحسّن هذه العلاقات بشكل كاف منذ خلف دونالد ترامب باراك أوباما. لا تزال هناك مخاوف تركية من العلاقة الأميركية – الكردية.

لم تفعل واشنطن شيئا حتّى الآن لتبديد هذه المخاوف التي يعكسها التقارب التركي – الروسي والزيارة الأخيرة التي قام بها أردوغان لمنتجع سوشي للقاء بوتين. ليس أمام تركيا في ظلّ هذه المعطيات سوى لعب دور في الداخل السوري، خصوصا أنّها تعتبر أن القضيّة الكردية مسألة حياة أو موت بالنسبة إليها.

ثمة مجال لأخذ وردّ طويلين في ما يتعلّق بالدور الروسي في سوريا، خصوصا أن العلاقة بين موسكو ودمشق ذات تاريخ طويل مرتبط أساسا بمرحلة الحرب الباردة من جهة، ورغبة الكرملين الدائمة في القضاء على كلّ جانب حضاري في هذا البلد العربي أو ذاك من جهة أخرى. من يحتاج إلى دليل على ذلك، يستطيع العودة إلى ما جرى في ما كان يسمّى اليمن الجنوبي في مرحلة كان فيها جرما يدور في فلك موسكو…

هناك رهان روسي على إمكان استغلال الوضع السوري كي تظهر موسكو مجددا أنّها عاصمة لقوّة عظمى تمتلك حق أن تكون لديها مناطق نفوذ خارج حدودها، خصوصا في المياه الدافئة، أي في البحر المتوسّط. في أحسن الأحوال، يمكن افتراض أن روسيا تسعى إلى التفاوض مع الولايات المتحدة من أجل مقايضة تكريس وجودها في شبه جزيرة القرم بتصرف مختلف في داخل سوريا. الهدف النهائي لموسكو هو الخروج من تحت سيف العقوبات الأوروبية والأميركية التي لا تريد الاعتراف بأنّها أثرت على الاقتصاد الروسي… وضمان البقاء في القرم.

أعادت روسيا سيطرتها على شبه جزيرة القرم في 2014. الأرض أرض روسية أصلا وليست أوكرانية وقد تخلّى عنها نيكيتا خروشوف عندما أصبح أمينا عاما للحزب الشيوعي السوفياتي خلفا لجوزيف ستالين في 1964. لكنّ ذلك لم يحل دون فرض عقوبات على بلد أظهر لاحقا، من خلال تعاطيه مع أوكرانيا، أنّه يحلم بالعودة إلى الماضي الإمبريالي للاتحاد السوفياتي.

يظلّ الرهان على عقلانية روسية تقوم على صفقة مع واشنطن تشمل أوكرانيا وسوريا رهانا قائما. في نهاية المطاف، تعرف روسيا حجمها وتعرف خصوصا أنّه لن تقوم يوما قيامة لاقتصادها، الهزيل أصلا، من دون رفع للعقوبات الدولية ومن دون ارتفاع لسعر النفط والغاز. وهذا لا يعتمد على الولايات المتحدة فقط، بل على دول الخليج، على رأسها المملكة العربية السعودية أيضا.

معروف أن روسيا ستساوم على رأس بشّار متى آن أوان ذلك. ما ليس معروفا ما الذي تريده إيران؟ هل تعتقد أن عملية التبادل السكّاني في سوريا تخدم أهدافها في المدى الطويل، أي تؤمن لها دور القوّة الإقليمية المهيمنة في الشرق الأوسط. من حق كل عربي، وليس الأمير محمد بن سلمان وليّ وليّ العهد السعودي، الاعتراض بقوّة ووضوح على السياسة الإيرانية. ظهرت هذه السياسية بوجهها الحقيقي، أي الوجه البشع الذي يؤمن بالاستثمار في إثارة الغرائز الطائفية في كلّ بقعة ارض استطاع “الحرس الثوري” بلوغها.

سقطت إيران في الفخّ الذي أرادت أن تنصبه للعرب. لم يعد هناك من يصدّق أن لديها مشروعا يمكن الاقتداء به. ما تشهده سوريا منذ العام 2011 كشف حقيقة الدور الإيراني الذي تعرّف إليه اللبنانيون عن كثب باكرا، أي منذ سمح حافظ الأسد لجحافل “الحرس الثوري” بدخول الأراضي اللبنانية في العام 1982 ومباشرة تنفيذ عملية مدروسة بدقة ليس بعدها دقّة بهدف تغيير طبيعة المجتمع الشيعي في لبنان، فضلا عن تغيير التركيبة السكّانية لبيروت ومناطق أخرى. وهذا ما بدأ يتبلور منذ يوم السادس من شباط – فبراير 1984، عندما خرجت الدولة اللبنانية ومؤسساتها من بيروت الغربية ذات الأكثرية المسلمة.

تؤسس مذكرة أستانا التي وقّعتها روسيا وإيران وتركيا لتقسيم سوريا. لكلّ دولة من الدول الثلاث أجندتها. هناك أجندة إسرائيلية بالطبع، تظلّ الأجندة الإيرانية هي الأخطر نظرا إلى أنّها تقوم على تبادل سكاني من منطلق مذهبي. ففي الوقت الذي كان يجري الترويج لمشروع القرار الروسي في أروقة مجلس الأمن، كانت تتم عملية تهجير لبعض أهالي دمشق المقيمين في حيّ برزة.

تعتبر عملية التهجير هذه مؤشرا في غاية الخطورة وذلك ليس نظرا إلى أنّها تأتي في سياق عمليات مماثلة أخرى سبقتها فحسب، بل لأنّها تشير إلى نيّة في الذهاب إلى النهاية في مشروع تطويق دمشق وربط منطقة سورية معيّنة بالأراضي اللبنانية أيضا. والمقصود هنا الأراضي اللبنانية التي تحت السيطرة المباشرة لإيران عن طريق ميليشيا “حزب الله” التابعة لها.

هل تبتلع الولايات المتحدة طعما اسمه مذكرة أستانا التي تضع الأسس لصيغة تنتهي بتقسيم سوريا لمصلحة إيران وروسيا وتركيا؟

أيّام قليلة ويظهر ما إذا كانت إدارة دونالد ترامب حذقة بما فيه الكفاية لتفادي السير إلى النهاية في مشروع يخدم كثيرين، على رأسهم إيران، لكنّه يعني قبل كلّ شيء التفتيت الكامل لسوريا التي عرفناها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مذكرة أستانا صيغة لتقسيم سورية مذكرة أستانا صيغة لتقسيم سورية



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 02:46 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
 فلسطين اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 06:01 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
 فلسطين اليوم - علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 10:10 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قاوم شهيتك وضعفك أمام المأكولات الدسمة

GMT 06:41 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:54 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

لاس بالماس الإسبانية المدينة المثالية لتمضية أجمل شهر عسل

GMT 22:20 2017 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

"ميلان الإيطالي" يعبر عن رغبته في إنفاق 150 مليون يورو

GMT 18:52 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

علماء يكشفون أنّ السّمنة تُساعد في تقلّص حجم الدماغ

GMT 20:24 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

نبيل الحلفاوي يهنئ النادي الإسماعيلي بفوزه على بطل بوروندي

GMT 01:10 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

نيللي كريم تؤكد أن حضورها حفلة افتتاح مهرجان القاهرة شرف كبير

GMT 06:41 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

صومالي يطعن 3 أشخاص في ملبورن قبل أن يقتله رجال الأمن
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday