أميركا تعيد اكتشاف إيران
آخر تحديث GMT 07:46:26
 فلسطين اليوم -

أميركا تعيد اكتشاف إيران

 فلسطين اليوم -

أميركا تعيد اكتشاف إيران

بقلم : خير الله خير الله

أهمّ ما في خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني انه يعالج موضوع إيران ككل ويضع الملف النووي في إطاره الصحيح. إنّه إطار السلوك الإيراني على الصعيديْن الدولي والإقليمي. لا يختزل الملف النووي، بأيّ شكل، مشكلة حقيقية اسمها النظام في إيران ما بعد سقوط الشاه. أي إيران التي تستثمر في كل ما من شأنه زرع حال من عدم الاستقرار في المنطقة العربية بشكل خاص، وفي كل المناطق الإسلامية بشكل عام.

لم تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق الموقع صيف العام 2015 بين إيران ومجموعة الخمسة زائدا واحدا، أي البلدان الخمسة ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن وألمانيا. من الواضح أن الإدارة الأميركية قررت مسايرة حلفاءها الأوروبيين. تفادى ترامب الانسحاب من الاتفاق الذي كان الوصول إليه هدفا بحدّ ذاته لإدارة باراك أوباما ولإيران نفسها. أرادت إدارة أوباما القول إنّها حققت إنجازا ما على الصعيد الخارجي.

وفرت لإيران الغطاء الذي تحتاجه كي تتابع سياستها العدوانية على كلّ صعيد، من منطلق أن لا وجود سوى لـ“الإرهاب السنّي” في الشرق الأوسط والعالم. لم تسأل إدارة أوباما يوما من أين جاء “داعش”، ومن وفّر الحاضنة لـ”داعش” ومن على شاكلته.

هناك للمرّة الأولى، منذ إعلان “الجمهورية الإسلامية” في إيران، في العام 1979، إدارة أميركية تعرف تماما ما هي إيران. هناك وصف متكامل ورصد دقيق من الرئيس الأميركي لكلّ النشاطات التي تقوم بها إيران داخل حدودها وخارجها. يمكن القول إن أميركا اكتشفت أخيرا إيران وذلك عندما ربط ترامب بين الملف النووي من جهة، وبين سلوك إيران من جهة أخرى. لم تكن المشكلة يوما في الملف النووي الإيراني. المشكلة في السلوك الإيراني بغض النظر عن هذا الملف الذي استخدمته إيران لتغطية ما تقوم به الآن، بل ما قامت به في الماضي أيضا.

لذلك ليس صدفة أن يكون ترامب فتح في خطابه كل الملفات الإيرانية بدءا باحتجاز الدبلوماسيين في السفارة الأميركية في طهران رهائن لمدة أربعمئة وأربعة وأربعين يوما ابتداء من تشرين الثاني – نوفمبر 1979.

لم تطلق الرهائن إلا بعد الانتخابات الأميركية التي تغلّب فيها رونالد ريغان على جيمي كارتر الذي وضع الأسس للتراجع الأميركي أمام العدوانية الإيرانية عندما امتنع عن الإقدام على أي خطوة جدْية ردّا على احتجاز الدبلوماسيين الأميركيين، باستثناء عملية إنقاذ فاشلة انتهت بكارثة سقوط هليكوبتر أميركية في صحراء طبس الإيرانية.

بات معروفا إلى أين أوصلت إدارة كارتر الولايات المتحدة التي لم تستطع في أي وقت الرد على الاستفزازات الأميركية، حتى في عهد ريغان الذي شهد تفجير مقرّ المارينز في بيروت يوم الثالث والعشرين من تشرين الأول – أكتوبر 1983 وقبله بأشهر قليلة تفجير السفارة الأميركية في العاصمة اللبنانية.

قتل في عملية تفجير السفارة التي كانت في منطقة عين المريسة البيروتية عدد كبير من ضباط وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. أي). على رأس هؤلاء بوب إيمز الذي كان أوّل من حذر إيران من احتمال تعرّضها لهجوم عراقي في عهد صدّام حسين (الرواية الكاملة عن تحذير إيمز للمسؤولين الإيرانيين من الهجوم العراقي في كتاب “الجاسوس الطيّب” للكاتب كاي بيرد).

لم يعد سرا بالنسبة إلى الإدارة الأميركية ما الذي فعلته إيران منذ العام 1979 وصولا إلى اعتبارها “دولة مارقة” حسب تعبير دونالد ترامب. لم يفوّت الرئيس الأميركي ذكر أي دور قامت به إيران على أي صعيد كان، وذلك لتبرير تحوّلها إلى رمز لـ“الإرهاب”. لم يتردد في الإشارة إلى التعاون بين إيران و“القاعدة”، ولم يفوت أيضا الفرصة كي يشير مرات عدة إلى الدور الذي تلعبه الميليشيات المذهبية التابعة لإيران، بما في ذلك ميليشيا “حزب الله”. أكثر من ذلك، لم يتردد في التركيز على الدور الإيراني في دعم بشّار الأسد في الحرب التي يشنّها على الشعب السوري.

من الناحية النظرية، كان خطاب ترامب خطابا شاملا وضعه له أشخاص يعرفون تماما وبالتفاصيل المملة ما هي إيران وكيف شاركت في عملية الخبر للعام 1996 التي قتل فيها عسكريون أميركيون في المملكة العربية السعودية.

ما قاله ترامب يمكن أن يصدر عن أيّ سياسي لبناني أو عربي يعرف تماما ما ارتكبته إيران في بلد مثل لبنان صار رهينة لدى “حزب الله”، خصوصا بعد انتقاله، بشكل تدريجي، من الوصاية السورية إلى الوصاية الإيرانية إثر اغتيال رفيق الحريري في شباط – فبراير من العام 2005.

لا غبار على خطاب ترامب من الناحية النظرية، خصوصا أنّه جاء نتيجة لمراجعة للسياسة الأميركية استمرّت نحو تسعة أشهر. ولكن ماذا عن الناحية العملية؟

ثمة أمور عدّة تحتاج إلى التوقّف عندها. من بين هذه الأمور عدم وضع “الحرس الثوري” الإيراني في مصاف المنظمات الإرهابية. ما الذي جعل الإدارة الأميركية تتراجع عن ذلك وتكتفي بالكلام عن عقوبات على “الحرس الثوري”.

مثل هذا السؤال لا يزال يحتاج إلى جواب، أقله إلى توضيحات ما تساعد في فهم مدى جدّية ترامب في الدخول في مواجهة مع إيران ومع مشروعها التوسّعي. ما يطمئن إلى أن الرئيس الأميركي يعي تماما ما الذي يفعله إشارته إلى ضرورة رص الصف بين الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

هذا الكلام يعني، بكل بساطة، أن أميركا غيّرت استراتيجيتها الشرق أوسطية ولم تعد في وارد استرضاء إيران من أجل المحافظة على الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني. بكلام أوضح، لن تنسحب أميركا من الاتفاق، لكنها لن تفصل بينه وبين سلوك إيران على الرغم من كلّ الاعتراضات الأوروبية على هذه المقاربة المختلفة كليا عن مقاربة إدارة باراك أوباما.

حسنا، قال الرئيس الأميركي ما يريد قوله. هناك اعتراضات أوروبية وروسية، وهناك اعتراضات أخرى من داخل الإدارة نفسها حيث لا وجود لحماسة لدى وزير الخارجية ركس تيلرسون لأي مواجهة من أيّ نوع مع إيران. هناك جناح في الإدارة يفضّل اعتماد التهدئة والعمل على متابعة استرضاء إيران. وهذا يدل على قوة اللوبي الإيراني في واشنطن ومدى فاعليته.

يبقى في نهاية المطاف، كيف يمكن لترامب الانتقال من التنظير إلى التنفيذ. سيعتمد الكثير على ما إذا كانت هناك خطط عسكرية لتقطيع أوصال الوجود العسكري الإيراني في المنطقة، خصوصا في منطقة الحدود السورية – العراقية.

ليس بعيدا اليوم الذي سيتبيّن فيه هل خطاب ترامب ثمرة مشاورات بين كبار العسكريين الذين يشغلون مواقع مهمّة في الإدارة مثل الجنرال هربرت مكماستر مستشار الأمن القومي ووزير الدفاع جيمس ماتيس ورئيس الأركان في البيت الأبيض الجنرال جون كيلي، أم انّه مجرد تسجيل لموقف؟

المهمّ أن أميركا أعادت اكتشاف إيران ما بعد الشاه، وأظهرت أنّها تعرف تماما ما هو الدور الذي تلعبه في المنطقة. بين الانتقال من النظري إلى العملي مسافة كبيرة ليس معروفا هل إدارة ترامب على استعداد لقطعها. الأكيد أن سوريا هي أحد الأمكنة التي سيظهر فيها هل من جدّية أميركية أم لا؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا تعيد اكتشاف إيران أميركا تعيد اكتشاف إيران



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday