لعبة الجولان انتهت سوريا… وبدأت إيرانيا
آخر تحديث GMT 21:12:46
 فلسطين اليوم -

لعبة الجولان انتهت سوريا… وبدأت إيرانيا

 فلسطين اليوم -

لعبة الجولان انتهت سوريا… وبدأت إيرانيا

بقلم : خير الله خير الله

هناك واقع جديد قائم في دمشق وفي الجنوب السوري. يتمثل هذا الواقع في الوجود الإيراني الذي لم يعد يقتصر فقط على مناطق معينة في محيط دمشق. صار على إسرائيل التفاوض مع إيران الموجودة على حدود الجولان مباشرة وغير مباشرة.

بكل أريحية

طرح وزير الاستخبارات الإسرائيلي إسرائيل كاتس قبل أيام فكرة الضغط على الإدارة الأميركية من أجل ضم الجولان نهائيا إلى الدولة العبرية. تقوم إسرائيل حاليا بعملية جس نبض لمعرفة إلى أي حدّ يمكن أن تذهب في استغلال الوضع الإقليمي من جهة ووجود دونالد ترامب في البيت الأبيض من جهة أخرى.

ما يمكن أن يشجّع إسرائيل على التفاؤل في هذا المجال أمران. أولّهما أن إدارة ترامب أقدمت على خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل من دون الإشارة إلى ضرورة أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية الموعودة.

تلت خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى المدينة المقدسّة. حصل ذلك من دون ضجّة تذكر، لا إقليميا ولا دوليا. أطلقت إيران تهديدات لتأكيد أنّها المتاجر الأوّل بالقضية الفلسطينية والفلسطينيين في حين قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ببعض الحركات ذات الطابع الفولكلوري بهدف المزايدة لا أكثر. عادت الأمور بعد ذلك إلى نصابها وعاد كلّ طرف إلى مواقعه وهمومه…

أمّا الأمر الآخر الذي يشجّع على طرح موضوع الجولان المحتل منذ 51 عاما بالتمام والكمال، فهو عدم الاهتمام السوري يوما باستعادة الهضبة المحتلة ذات الأهمّية الاستراتيجية. احتلت إسرائيل الجولان في ظروف أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها غامضة. حدث ذلك في حزيران – يونيو من العام 1967. وقتذاك، كان حافظ الأسد لا يزال وزيرا للدفاع وكان يهيّئ نفسه لحكم سوريا ابتداء من تشرين الثاني – نوفمبر 1970 حين أعلن عن قيام “الحركة التصحيحية”.

ماذا كانت “الحركة التصحيحة” عمليا؟ كانت خطوة على طريق طمأنة إسرائيل إلى أن الجولان سيظلّ محتلا. لم تكن لدى النظام السوري أيّ نيّة جدية في استعادة الجولان حتّى بعد حرب تشرين الأوّل – أكتوبر 1973.

لم تكن تلك الحرب حرب تحريك للمفاوضات مع إسرائيل بمقدار ما أنّها كانت حربا لتجميد لجبهة الجولان وصولا إلى يوم يعقد فيه بنيامين نتانياهو جلسة لمجلس الوزراء في الهضبة المحتلة.

أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي بذلك تكريس أمر واقع استطاعت إسرائيل فرضه في وقت لم يكن الجولان يوما سوى أداة يؤكد من خلالها حافظ الأسد ثم نجله بشّار أن سوريا ليست مستعدة لأيّ مواجهة مع إسرائيل، بل هي في صدد المشاركة في كلّ الألعاب التي تهواها، بما في ذلك إبقاء جبهة جنوب لبنان مفتوحة.

بقيت الجبهة اللبنانية مفتوحة، بموافقة سورية، عندما كان السلاح في الجنوب فلسطينيا حتّى العام 1982. وبقيت على الوضع نفسه بعدما حلّ السلاح الإيراني، أي سلاح “حزب الله” مكان السلاح الفلسطيني.

كان كافيا أن يخلّ النظام السوري بالشروط المتفق عليها لاستمرار اللعبة في خلال حرب صيف العام 2006 حتّى يصبح مسموحا للجيش اللبناني بدخول الجنوب بعد صدور القرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

كان من شروط تلك اللعبة السورية – الإسرائيلية أن تتصرّف إسرائيل بالطريقة التي تراها مناسبة وفق قواعد اشتباك معيّنة وضعت في أواخر العام 1975 وأوائل العام 1976 عندما توصل هنري كيسينجر إلى تفاهم مع إسحاق رابين يسمح للجيش السوري بدخول الأراضي اللبنانية ووضع يده على المواقع التي يوجد فيها “مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية”.

تغيّر الوضع في جنوب لبنان بعد حرب العام 2006، لكنّ الوضع في الجولان بقي على حاله. كانت هناك مفاوضات سورية – إسرائيلية محورها الجولان. لكن الجانب السوري، الذي يهوى استمرار حال اللاحرب واللاسلم في المنطقة إلى ما لا نهاية، كان يهوى أيضا التفاوض من أجل التفاوض.

الدليل على ذلك أنّ مصر استعادت كلّ أراضيها المحتلة منذ العام 1967 عن طريق المفاوضات، فيما لم يتغيّر شيء في الجولان منذ اتفاق فك الارتباط الذي تم التوصل إليه في العام 1974 برعاية هنري كيسينجر أيضا.

لن تجد إسرائيل صعوبة في إعداد نفسها لتشريع احتلال جديد لأرض عربية، على غرار ما تفعله في القدس والضفّة الغربية حيث تتابع سياسة الاستيطان

ما الذي تغيّر حاليا كي تسعى إسرائيل إلى الحصول على اعتراف أميركي بأنّ الجولان جزء من أراضيها؟ ما تغيّر أن الجولان لم يعد يوفّر ضمانة إسرائيلية للنظام السوري ولا ضمانة من النظام السوري لإسرائيل.

هناك واقع جديد قائم في دمشق وفي الجنوب السوري. يتمثّل هذا الواقع في الوجود الإيراني الذي لم يعد يقتصر فقط على مناطق معيّنة في محيط دمشق. صار على إسرائيل التفاوض مع إيران الموجودة على حدود الجولان مباشرة وغير مباشرة.

هناك غير مصدر أوروبي وأميركي موثوق به يقول إن إسرائيل ليست في وارد التوصل إلى تفاهمات مع إيران لا في شأن وجودها العسكري في لبنان ولا في شأن وجودها العسكري في سوريا، خصوصا في محاذاة الجولان.

استطاع حافظ الأسد، منذ كان وزيرا للدفاع في 1967 استخدام الجولان للتفرد بالسلطة في خريف العام 1970. لعب الدور المطلوب منه أن يلعبه على الصعيد الإقليمي، بما في ذلك إيجاد توازن مع العراق الذي كان يحكمه البعث الآخر منذ 1968، خصوصا منذ تفرّد صدّام حسين بالسلطة صيف العام 1979. تغيّر كلّ شيء في عهد بشّار الأسد الذي لم يعد يفرّق بين مصلحة النظام السوري ومصلحة “حزب الله” ومن خلفه إيران.

بكلام أوضح، لم يعد كافيا بالنسبة إلى إسرائيل الحصول على ضمانات بالنسبة إلى الجولان من بشّار الأسد. إسرائيل تعرف قبل غيرها أن بشّار الأسد لم يعد سوى صورة وأنّه لا يستطيع الاستجابة كلّيا لما يطلبه منه الجانب الروسي، بل عليه أن يراعي الإيراني أيضا.

ما الذي ستفعله الإدارة الأميركية؟ هل تستجيب للضغط الذي تحدّث عنه الوزير الإسرائيلي؟ من الصعب التكهنّ بالموقف الأميركي من ضمّ إسرائيل الجولان نهائيا. لكن الثابت أنّ أمورا كثيرة ستتوقّف على التصرّفات الإيرانية. هل ستأخذ إيران المنطقة إلى انفجار جديد في ضوء إصرارها على البقاء، مباشرة أو عبر أدواتها، في الجنوب السوري والمناطق المحيطة بدمشق؟

في كلّ الأحوال، لن تجد إسرائيل صعوبة في إعداد نفسها لتشريع احتلال جديد لأرض عربية، على غرار ما تفعله في القدس والضفّة الغربية حيث تتابع سياسة الاستيطان. ما العمل عندما تكون الظروف الإقليمية والدولية مواتية لها وعندما يتبيّن أن النظام السوري فعل كلّ شيء منذ العام 1967 كي يبقى الجولان محتلا.

كان احتلال الجولان يخدم، بالنسبة إلى النظام السوري، أهدافا عدّة في الوقت ذاته. كان يغطي حملته المستمرّة على الشعب الفلسطيني. لعلّ ما حلّ بمخيم اليرموك في دمشق أخيرا أفضل دليل على نظرة هذا النظام للشعب الفلسطيني. كذلك كان الجولان يغطي طموحه الدائم لفرض سيطرته على لبنان.

الواضح الآن أن لعبة الجولان انتهت سوريا. ستستمر إيرانيا. معروف أن البداية الإيرانية لهذه اللعبة كانت مع اندلاع الثورة السورية في آذار – مارس 2011. كيف ستنتهي هذه اللعبة الإيرانية – الإسرائيلية من دون حرب إقليمية باتت في هذه الأيّام حاجة إيرانية أكثر من أيّ شيء آخر؟

المصدر : جريدة العرب

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة الجولان انتهت سوريا… وبدأت إيرانيا لعبة الجولان انتهت سوريا… وبدأت إيرانيا



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday