فايز أبو شمالة
من حق ولي الدم أن يطالب بالقصاص من قتلة أولاده، والمجرم الذي قتل وجرح الآلاف من الفلسطينيين في غضون شهر واحد، إنه الإسرائيلي، وقد يكون هذا الإسرائيلي مسئولاً سياسياً مثل نتانياهو أو ليبرمان، وقد يكون مسئولاً أمنياً مثل تامير باردو رئيس جهاز الموساد، أو مثل يورام كوهين رئيس جهاز الشاباك، وقد يكون المتهم طياراً أو ضابطاً أو جندياً، إنهم القتلة الذين أوغلوا في الدم الفلسطيني، وتركوه ينزف على شاشات الفضائيات، حتى ضج العالم من الجريمة، وراح يتبرأ من كل شخص يضع يده في يد القتلة، أو يسعى لأن يقايض دم الشعب بابتسامة دبلوماسية أثناء اللقاء مع مسئول أمني إسرائيلي.
أولياء الدم في فلسطين لم يفيقوا بعد من صدمة اللقاء الذي عقد بتاريخ 22/8 بين رئيس السلطة محمود عباس وبين رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي يورام كوهين، فأولياء الدم وهم ملايين الفلسطينيين يرون بذاك اللقاء جريمة إنسانية قبل أن تكون جريمة سياسية تستوجب المساءلة، والتحقيق الوطني المحايد، ولاسيما أن اللقاء مع رئيس جهاز الشاباك قد تم في أوج الحرب على غزة، وأثناء تدفق الدم في الشوارع، وأثناء الهروب الجماعي من الأبراج التي تهاوت كالعهن المنفوش جراء القصف الذي تم بتوصية من رئيس جهاز الشاباك يورام كوهين!.
ملايين الفلسطينيين يئنون من ويلات اللقاء مع رئيس جهاز الشاباك، ويجزمون أن اللقاء قد تجاوز الاستخفاف بالدم الفلسطيني، وتعدى كل حدود احتقار الشهداء والجرحى، واللقاء أبعد من إضاعة الحقوق السياسية والإنسانية للشعب المقهور، إن ملايين الفلسطينيين يرون في لقاء عباس مع يورام كوهين صفعة قاسية على سيرة الشهيد ياسر عرفات وأمثاله، الذين قتلوا تحت رعاية جهاز الأمن الذي يرأسه يورام كوهين، ويرون أن اللقاء يمثل إهانة وتسخيف لعذابات الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي وأمثاله الذين يكابدون الأسر بتوصية من جهاز الأمن الذي يرأسه يورام كوهين!.
إن لقاء السيد محمود عباس مع يورام كوهين لم يناقش قضية مرضى قطاع غزة وآلية علاجهم، ولم يناقش نقص الوقود والكهرباء التي يسببها الحصار، ولم يناقش الضريبة الإضافية المفروضة على الفواكه والحليب، ولم يناقش آلية إدخال مواد البناء، فاللقاء بين عباس والمسئول الأمني الإسرائيلي تناول قضايا أمنية خطيرة لها علاقة بصلب حياة الناس في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولها تأثيرها الطيب والمريح أيضاً على حياة المستوطنين.
إن خطورة اللقاء بين محمود عباس والمجرم يورام كوهين لتفرض على الشعب الفلسطيني ممثلاً بكل قواه الدينية السياسية والوطنية والاجتماعية والشبابية بالشروع بالخطوات التالية:
1ـ الدعوة الذاتية إلى اجتماع عاجل للإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية، بهدف تدارس خطورة اللقاء، والاطلاع على أسراره، ومن ثم البت في أمر محمود عباس.
2ـ على القوى السياسية بما فيها حركة فتح، أن تدعو إلى جلسة استثنائية للمجلس التشريعي، وأن يناقش الجميع بموضوعية هذا الأمر الجلل، وأن يتخذوا القرارات السياسية المناسبة.
3ـ أن يتم التوقيع على اتفاقية روما دون تلكؤ، كي يتمكن أولياء الدم من التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة يورام كوهين وأمثاله من المجرمين الإرهابيين.