د.فايز ابو شمالة
بينما يتقاضى موظفو السلطة الفلسطينية نسبة 60% من رواتبهم، فإن نسبة الاعمار والبناء في المستوطنات اليهودية على أرض الضفة الغربية قد بلغت 40%، وهذا أعلى مستوى اعمار خلال 10 سنوات وفق ما أوردته منظمة السلام الإسرائيلية.
فهل من علاقة بين تضاؤل رواتب الموظفين وزيادة التوسع الاستيطاني؟ وهل يمكن الاستنتاج أن بعد عشر سنوات من الجمود في السياسة الفلسطينية، ستكون نسبة الاعمار في المستوطنات 80% مثلاً، ونسبة رواتب الموظفين 20%؟
نعم، سيتحقق ذلك بإذن القيادة الفلسطينية التي تفردت بالقرار السياسي، وسحقت بالقوة أي شكل من أشكال المعارضة، لذلك لا نستغرب حين نقرأ أن نسبة 40% من سكان الضفة الغربية يرغبون بالهجرة، ذلك وفق التقرير الذي نشرته صحيفة القدس العربي، إضافة إلى ما جاء على لسان الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، والذي أكد أن هناك معطيات تشير الى ازدياد في حجم الهجرة بحثاً عن لقمة العيش، والاستقرار الاقتصادي والسياسي"، وهذا يصب في صالح الاحتلال الذي يطمع في تفريغ الاراضي الفلسطينية من السكان والكفاءات وبالتالي اضعاف الوضع الداخلي الفلسطيني اقتصاديا وثقافيا وتعليميا وسياسيا".
المصادر الإسرائيلية تؤكد أنها تعمل على تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية، وقد خصصت الحكومة الإسرائيلية حوالي مليار دولار لاستخدامها في تشجيع الفلسطينيين على الهجرة من الضفة الغربية المحتلة، استغلالاً لأوضاع الفلسطينيين الاقتصادية الصعبة ورغبة بعضهم بالهرب من الاذلال والقهر الذي يعيشونه يوميا جراء ممارسات الاحتلال والتنكيل بهم على الحواجز العسكرية وتقييد حركتهم.
فما هو تأثير الانقسام الفلسطيني على مجمل الأوضاع السياسية؟
إذا كانت السياسة الفلسطينية العتيقة قد أوجدت كل تلك التأثيرات السلبية على حياة المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية، فإنها هي التي كانت السبب وراء الانقسام، وهي السبب في إطالة عمره من خلال اشتراطها فك حصار غزة وفتح المعابر بنزع سلاح المقاومة، في الوقت الذي أحدثت فيه المقاومة تأثيراً سلبياً على حياة الإسرائيليين، وفق ما أظهرته نتائج دراسة أجرتها منظمة "غفاهيم" الإسرائيلية حيث تبين أن نسبة 40% من المهاجرين لإسرائيل يفكرون بالعودة إلى البلدان التي جاؤوا منها. وشملت الدراسة 300 أكاديمي من اليهود الوافدين لإسرائيل. وبحسب الدراسة فإن 59% منهم وصلوا إلى إسرائيل من الولايات المتحدة وفرنسا.
حين يفكر 40% من الإسرائيليين بالهجرة من إسرائيل، لعدم شعورهم بالأمن والاستقرار، وحين يفكر في الوقت نفسه 40% من الإسرائيليين بالتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، فإننا ندرك الفرق بين منطقين ومنطقتين، ونستنتج أن سياسة السلطة الفلسطينية تقف خلف تنامي نسبة 40% من سكان الضفة الغربية الذين يفكرون بالهجرة من أرضهم، وهذه السياسة الباهتة نفسها هي التي تقف خلف تقليص رواتب الموظفين إلى نسبة 60%. والزيادة في الطريق.