د.فايز ابو شمالة
فضحت الدعاية الانتخابية الإسرائيلية الحقائق التي حاول الإعلام الصهيوني إخفاءها طوال واحد وخمسين يوماً من الحرب على غزة، لقد جاء وقت الحساب لرئيس الوزراء نتنياهو على كذبه طوال فترة الحرب، وذلك من خلال الهجوم على رئيس هيئة الأركان بني غينتس، الذي حاز على وصف الضعيف والمتردد من كل المستويات الشعبية والرسمية.
لقد ظل الأمن هو الركيزة التي يتكئ عليها نتنياهو في حملته الانتخابية، وكم تفاخر الرجل بأنه الوحيد الذي حقق الأمن للإسرائيليين، إلا أن خصومه السياسيين الذين كانوا شركاءه في كذبة النصر المزعوم على المقاومة الفلسطينية، شركاء نتنياهو في الحكومة أغاظهم تصديق نتنياهو للكذبة، وتوظيفها في الانتخابات، فراحوا يتصدون له، ويطعنون في مصداقيته، وفي قدرة وزير حربه موشي يعلون، الذي فشل في ردع حماس، كما قال الوزير نفتالي بنيت، ليضيف: وها هي حماس تعود لتهيئة الأنفاق من جديد، وقد باتت مستعدة للمواجهة.
لقد اعترف وزير الحرب موشي يعلون بشكل غير مباشر بمصداقية نفتالي بنيت حين قال: لقد وظف نفتالي بنيت معلومات سرية أتيحت له بناءً على عضويته في الكابينت لأهداف سياسية وحزبية ضيقة. وأضاف موشي يعلون: لقد كشف الوزير نفتالي بنيت عن معلومات كاذبة دفعت حماس للاعتقاد بأن الوضع الإسرائيلي الداخلي يسير نحو التفكك، ولذلك لم تتعجل في إنهاء الحرب، وواصلت عملياتها على طول 51 يومًا.
يحاول موشي يعلون أن يبرر فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في إسكات صوت المقاومة على مدار واحد وخمسين يوماً من القتال، ليلقي بمسئولية إطالة زمن الحرب على المعلومات التي سربها الوزير نفتالي بنيت. كلام لا ينطلي على من تابع دقائق الحرب على غزة من قيادات أمنية وعسكرية إسرائيلية، لقد تصدوا لكذبة موشي يعلون، وكان على رأسهم يوفال ديسكن رئيس جهاز الشاباك السابق، والمرشح على القائمة الصهيونية، الذي قال: نتنياهو يهدد ويتوعد، ولكنه غير قادر على إخضاع حماس في غزة ". نتنياهو خاض أطول حرب إسرائيلية ضد منظمة (إرهابية) حسب زعمه، وهذا ما أكده الجنرال جادي أيزنكوت رئيس هيئة الأركان الجديد في حديث له مع الإذاعة العبرية صباح الإثنين 16/2، حين قال: إن النصر الذي حققته حماس يتلخص في قدرتها على إطالة أمد الحرب.
إطالة زمن الحرب مثّل هزيمة للجيش الإسرائيلي، هذا ما اعترف به الجنرال عاموس يادلين أيضاً، ولذلك راح يطرح الحلول العسكرية للحرب القادمة، ويشترط أن تكون قصيرة ومركّزة، وليس كما كان الأمر عليه في الحروب السابقة على القطاع، ذلك أن تلك الحروب دلّت على عدم قدرة وخبرة، ذلك أن العمليات المؤثرة لم يقم الجيش الإسرائيلي بتنفيذها!
إطالة أمد الحرب معناه الفشل، وهذا ما شجع الوزير ليبرمان ليكون حاداً في نقده لإدارة الحرب على غزة، وللنتائج التي توصل إليها المستوى العسكري، لذلك اعترف بفشل الحرب في تحقيق أهدافها، وفي عدم نجاحها في ردع المقاومة، وأضاف: "يجب على (إسرائيل) إذا لزم الأمر أن تخوض عملية عسكرية كل عامين ضد أعدائها لتغيير توازن الرعب، والعيش بهدوء. وأكد أنه لو كان صاحب القرار لكانت حماس تختبئ في الملاجئ بغزة بعد 50 يوما.
مع توالي الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بالفشل العسكري في الحرب على غزة توالى طرح الخيارات العسكرية للحرب القادمة، ومنها الحسم السريع والصاعق كما توعد الجنرال الإسرائيلي يؤاف جالنت في حال صار مسئول عن للجيش.
رغم علاقة مجمل التصريحات الإسرائيلية السابقة بالانتخابات البرلمانية، إلا أنها كشفت عن أكذوبة النصر الذي أحرزه الجيش الإسرائيلي على غزة، الأكذوبة التي كان هدفها طمأنة الإسرائيليين، وتعزيز ثقتهم بجيشهم.
ورغم مجمل التصريحات التي تتحدث عن شن حرب جديدة على غزة، إلا أنها تكشف عن عجز إسرائيلي في تصفية المقاومة، وتكشف عن عجز إسرائيلي في فرض الحصار العسكري على المقاومة، وتكشف عن تحسب إسرائيلي لأي مواجهة جديدة، بالتالي فالسائد هو الحذر الصهيوني من الغرق في حرب جديدة مع غزة.
لذلك سيتآمرون على غزة بعد أن فشلوا في محاربتها.