في كل عام تتنافس المؤسسات، وترسل الدعوات، وتنظم الاحتفالات، وتعقد المهرجانات، وتلقى الكلمات، ثم ينفض الجمع وكلهم راض عن نفسه، بعد جولة من الغناء والرقص؛ فقد شارك في احتفالات يوم الأسير، وقام بواجبه تجاه وطنه، وقدم ما استطاع من أجل الأسرى.
فإذا كانت حرية الأسرى هي الأصل في كل عمل يحمل اسمهم؛ فإن الفرع هو إحياء مناسبة يوم الأسير الفلسطيني بهدف تحريرهم من الأسر، والدق على جدران الزمن بإرادة المقاومة، حتى تتحطم الأقفال، وتفتح أبواب الحرية، وسوى ذلك ترف وتسلية وتلهٍّ.
فحين اعتمد المجلس الوطني الفلسطيني يوم 17/4 من كل عام يوماً للأسير الفلسطيني؛ كان يرمي من وراء ذلك إلى:
1_ الضغط على الاحتلال كي يطلق سراح أسرانا، فإن لم يفعل ذلك على عجل؛ فالعمل على تحسين ظروف معيشتهم خلف الأسوار حتى إطلاق سراحهم.
2- الضغط الجماهيري على القيادة السياسية الفلسطينية؛ لئلا تنام أو تسافر أو تهنأ بطعامها وشرابها ما بقي آلاف الشباب الفلسطينيين المقاومين أسرى في سجون الاحتلال.
3- إيصال الرسائل الفلسطينية إلى المجتمع الدولي بأن قضية الأسرى على رأس اهتمام الشعب الفلسطيني، وأن عدم حرية الأسرى فتيل تفجير للمقاومة المسلحة، أو الانتفاضة الجماهيرية.
4ـ تعزيز المفاهيم الثورية المقاومة للاحتلال في نفوس الأجيال، وتعزيز الثقة بالغد بإدامة الحضور الفاعل لقضية الأسرى في عقول وقلوب الأجيال الشابة.
5- تعزيز صمود الأسرى خلف القضبان برسائل التضامن والتكاتف والتعاون، التي يرسلها المجتمع الفلسطيني لأسراه في هذه المناسبة.
فإلى أي مدى تحقق الاحتفالات التي تعقد في هذه المؤسسة أو تلك بعض الأهداف التي من أجلها حدد 17/4 من كل عام يومًا للأسير الفلسطيني؟
ما الذي جناه الأسرى من مؤسسة تحتفل بيوم الأسير بالتجمع الإعلامي على بواباتها، ليلقي مسئولوها الكلمات عن حياة الأسرى، وينفض الجمع بعد عدة دقائق؟!
ماذا استفاد الأسير من الاجتماع الذي عقدته المؤسسة في إحدى القاعات، وألقى فيها الخطباء الكلمات العصماء عن صمود الأسرى وعذاباتهم خلف الأسوار؟!
إلى أي مدى توجع الاحتلال، وارتعب من الاحتفالات التي تقام تضامناً مع الأسرى وسط القاعات المغلقة المكيفة في المدن الفلسطينية؟!
وهل هزت الاحتفالات بيوم الأسير شعرة في جسد القيادة الفلسطينية، فانتفضت خوفاً من غضب الجماهير الهادر، أم تصدر قادة السلطة الفلسطينية معظم الاحتفالات، وراحوا هم بأنفسهم يلقون معظم الكلمات الرنانة عن حرية الأسرى؟!
إن لم تكن الاحتفالات بيوم الأسير رعباً للمحتل، وإن لم تشكل هذه المناسبة وجعاً له على مدار الساعة؛ فمعنى ذلك أننا نسير في الطريق الخطأ، وإن لم يغلق الكيان العبري الأراضي المحتلة في هذه المناسبة؛ فمعنى ذلك أننا نرقص في العتمة، وإن لم يعلن الكيان حالة الطوارئ، ويمنع المستوطنين من السير في طرق الضفة الغربية؛ فمعنى ذلك أننا نضحك على أنفسنا، وإن لم يعش الصهاينة في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، والقائمة على أرض الضفة الغربية حالة الخوف؛ فمعنى ذلك أن احتفالاتنا بيوم الأسير تخادع الناس، وتلتف على الحقيقة.
في مناسبة يوم الأسير أقدم التحية بإجلال إلى رجال المقاومة، أولئك الذين يحتفلون بيوم الأسير بمزيد من الإعداد والاستعداد، أولئك الذين لا يظهرون في المهرجانات، ولا يلقون الكلمات، أولئك الذين يسهرون الليل، وهم يخططون ويدبرون، وهم جاهزون لمفاجأة الصديق بتطور قدراتهم قبل أن يفاجئوا العدو، أولئك هم أمل الأسرى، وهم فرحهم، وفرجهم القريب.