د. عصام شاور
أصدر الاتحاد الأوروبي وثيقة "الخطوط الحمراء" من أجل محاسبة أو مفاوضة " إسرائيل" حول الانتهاكات التي ترتكبها في الضفة الغربية والقدس على أن يتخذ الاتحاد إجراءات ضد المحتل في حال عدم التزامه بها، الوثيقة مكونة من خمسة بنود تحصر الانتهاكات الإسرائيلية في بضع مستوطنات وتمنع "إسرائيل" من إحداث تغييرات في المسجد الأقصى.
عنوان الوثيقة أكبر مما احتوته، ونحن نعلم أن المحتل لا يرضخ لأي خطوط حمراء تخطها أوروبا أو أمريكا أو جامعة الدول العربية بإجماع زعمائها.الاتحاد الأوروبي لا يمارس أي ضغوط على "إسرائيل" ولن يمارسها بشكل جاد حتى لو استمرت في جرائمها وانتهاكاتها على جميع المستويات، فالاتحاد الذي لم يذكر قطاع غزة في وثيقته ولم يحرك ساكناً أثناء الحرب على غزة ولا خلال ثماني سنوات من الحصار الإسرائيلي المصري المتواصل، أو ما سبق ذلك من جرائم إسرائيلية.
عندما يحدد الاتحاد الأوروبي مناطق معينة في الضفة الغربية ويطالب المحتل ألا يهجر أهلها ولا يبني الوحدات السكنية فيها فهذا يعني السماح له بالبناء والتهجير في المناطق الأخرى، وحين يطالب "إسرائيل" بعدم إحداث تغيير في المسجد الأقصى فهو تلقائياً يعطي الضوء الأخضر للاستمرار في جريمة تهويد القدس، أي أن وثيقة الاتحاد عبارة عن بضع خطوط حمراء يقابلها عدد غير محدود من الخطوط الخضراء، ولو لم يكن الأمر كذلك لاتسعت تلك الوثيقة لخطوط حمراء عريضة تشمل عدم البناء في كافة أراضي الضفة الغربية وعدم تهجير السكان من أي مناطق فلسطينية وكذلك عدم إحداث أي تغيير في الضفة الغربية والقدس فضلا عن الإشارة إلى جرائم القتل والتخريب التي يمارسها المستوطنون بشكل يومي، لكن أوروبا لا تريد إزعاج المحتل الإسرائيلي وإنما تريد فقط الضغط قليلاً على حكومة رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو بموازاة الضغط الأمريكي الخجول للقبول ظاهرياً بالمقترحات الأمريكية من أجل إعادة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية إلى سابق عهدها.
من المهم لنا كفلسطينيين شعبياً ورسمياً ألا تلقى وثيقة الاتحاد الأوروبي أي إشادة لأنها وثيقة خادعة كما هي طباع الأوروبيين، وألا تستخدم بأي حال كوسيلة ضغط على السلطة الفلسطينية من أجل تقديم المزيد من التنازلات سواء إلى الجانب الإسرائيلي أو في الأمم المتحدة.