د. عصام شاور
كشف د.أحمد يوسف أن اللقاء الذي جمع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مع توني بلير المبعوث السابق للجنة الرباعية الدولية أحدث تقدما ملموسا ربما يتم الإعلان عنه قريبا يتعلق بتهدئة لا سقف زمني لها، وتشتمل على رفع الحصار عن قطاع غزة وفتح المعابر وإنشاء ممر مائي مقابل الحفاظ على وضع أمني معين، وحتى لا نفرط في التفاؤل فقد ألمح يوسف إلى أن الأمور _كما جرت العادة_ قد تنهار بشكل كلي.
من خلال تصريحات يوسف يكون الجميع على اطلاع وإن بصورة مختصرة على ما تم في اللقاء الثنائي بما في ذلك الفصائل الفلسطينية التي حرصت حركة حماس على تزويدها بتفاصيل ما جرى، ولكننا تفاجأنا بأن بعض الفصائل لم يعجبها الوضع فكانت ردود الفعل متباينة منها ما جاء ردا مباشرا على ما قامت به حماس، ومنها غير مباشر ولكنه يتعلق بالتهدئة.
حركة فتح شنت هجوما على اللقاء الثنائي ووصفت بلير بسمسار الحروب، ولكنها لم تلق باللائمة على الطرف الذي أدار ظهره وتخلى عن رعايته للمفاوضات، وكنا نتمنى أن توجه حركة فتح اللوم للجانب المصري الذي ترك المجال لأطراف أخرى لتكون وسيطا بين حماس ودولة الاحتلال ، أما وصفها له بسمسار الحروب فنحن نعلم ذلك ونعلم أنه هو ذاته سمسار حصار وقاد أكبر مؤامرة على قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية، ولكن المقاومة لم ترضخ لشروط الرباعية التي كان يقودها في الوقت الذي تمسكت بها منظمة التحرير الفلسطينية، أما وقد رضخ بلير ورضي أن يكون وسيطا بين (إسرائيل) والجانب المنتصر في الحرب فهذا أمر طبيعي في عالم السياسة.
أما موقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فلم يكن واضحا، ولكن الذي فهمناه أن الجبهة ترفض نتائج اللقاء وترفض استمرار التهدئة، والغريب أن قياديا في الجبهة أشار إلى أن الاتفاق ينطوي على نزع سلاح المقاومة ولا نعلم من أين أتى بتلك المعلومات، لأن الجميع يعلم أن سلاح المقاومة وخاصة في غزة خط أحمر لا يمكن الاقتراب منه.
حركة الجهاد الإسلامي نفت أن تكون هناك موافقة إسرائيلية على إنشاء ممر بحري واستبعدت أن تكون هناك هدنة طويلة الأمد، وأن كل ما جرى ما هو إلا أحاديث شفوية تتلخص برفع الحصار مقابل تهدئة، ولكنها في موضع آخر هددت بكسر التهدئة إن أصاب أحدَ مناصريها في سجون الاحتلال أي مكروه، وهذا بحد ذاته تعبير عن موقفها من مفاوضات التهدئة التي تشارك فيها حماس.
من الواضح أن انهيار مفاوضات التهدئة ورفع الحصار عن قطاع غزة قد لا يكونان لأسباب خارجية فقط وإنما بسبب أطراف داخلية لها حساباتها الخاصة بها، ولكننا نتمنى على تلك الفصائل أن تضع مأساة الفلسطينيين في قطاع غزة أمام ناظريها عندما يكون هناك حديث عن تهدئة ورفع حصار.