د. عصام شاور
صدر عن المحكمة الجنائية الدولية أن الادعاء سيفتح تحقيقا أوليا في جرائم محتملة قام بها الاحتلال ضد الفلسطينيين مما قد يؤدي إلى توجيه اتهامات بجرائم حرب ضد المحتل الإسرائيلي. (إسرائيل) من جانبها وعلى لسان أفيغدور ليبرمان _وزير خارجية الكيان_ اعتبرت إعلان المدعي العام بأنه " قرار فاضح", كما وصف رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو القرار بالفضيحة, ولم يختلف الموقف الأمريكي منه الذي اعتبره تراجيدية ساخرة.
الموقف الأمريكي الإسرائيلي لم يقف عند حد تسخيف قرار الجنائية الدولية ولكنه طعن فيه بذريعة اتفقت عليها كل من (إسرائيل) والولايات المتحدة الأمريكية، ذريعة أن قرار المحكمة الدولية من شأنه أن يعطل عملية السلام كونه خطوة أحادية تتخذها السلطة الفلسطينية، وأن القرار يجعل المحكمة الجنائية الدولية جزءا من المشكلة وليس الحل حسب نتنياهو, وأنه يمس بفرص تحقيق السلام حسب الخارجية الأمريكية التي تعتبر المفاوضات السبيل الوحيد لحل الخلافات بين (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية.
الولايات المتحدة الأمريكية رغم أنها تلعب دور الراعي الوحيد لعملية السلام تقف ضد الشعب الفلسطيني وقضيته وضد القانون الدولي والمنطق الإنساني انحيازا لدولة الاحتلال، تريد لـ(إسرائيل) الاستمرار في جرائمها ضد شعبنا تحت غطاء المفاوضات وعملية السلام التي لم تجلب سوى الخراب والدمار لشعبنا.
التحالف الشيطاني بين أمريكا و(إسرائيل) يمكن أن يؤدي إلى سخافات تجاه المجتمع الدولي وجرائم حرب فظيعة ضد الشعب الفلسطيني أكثر مما سمعنا ورأينا، ولكنها فرصة ذهبية لشعبنا حتى يرى من هو العدو الحقيقي له ومن حوّل حياتنا إلى جحيم لا يطاق وإلى نفق مظلم لا نهاية له.
في ظل اتفاقية أوسلو تضاعف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية, وفي ظل المفاوضات قتل وجرح عشرات الآلاف من الفلسطينيين, وانتهكت مقدساتنا وحرماتنا, وحوصرت غزة، وعندما فكرت الجنائية الدولية بمحاسبة مجرمي الحرب كانت الاتفاقية ذاتها غطاء للمجرمين ولجرائمهم, وكانت أمريكا خصمنا الأول، هل نحن بحاجة إلى مزيد من الدلائل على أن الغرب يضربنا بسيف السلام, وأن اتفاقية أوسلو لا تقل خطورة عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عامي 1948 و1967؟!