د. عصام شاور
أوراقنا مبعثرة كما هي أولوياتنا، خيوط كثيرة وأطراف أكثر، الحالة الفلسطينية الداخلية فوضى بكل ما تعنيه الكلمة، مما يزيد من فوضويتها تشابكها وتداخلها مع الصراع الإسرائيلي والخلاف مع بعض الأشقاء، لأن أطرافا فلسطينية وعربية وحتى غربية تريد من هذا المزج والخلط الوصول إلى حلول نهائية لأننا نشعر بأشياء تدبر في الخفاء وخاصة بعد الانتصار الذي حققته المقاومة الفلسطينية على العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة بالشروط التي فرضتها.
الخروج من حالة الفوضى التي تكاد تغرقنا لا يكون إلا بالفصل ما بين الداخلي والخارجي، الوطني والفئوي، والفصل ما بين المصالحة من جانب وبين المفاوضات مع المحتل الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة من الجانب الآخر. الأزمة بدأت حينما ربطنا المصالحة الداخلية بالتوافق الجبري على قواسم مشتركة نمضي من خلالها, وهذا خلق أزمة البرامج والمناهج وأطال عمر الانقسام، ثم تصاعدت الأزمة ووصلت إلى حد الفوضى التي نتحدث عنها حين سعت منظمة التحرير الفلسطينية وأطراف خارجية لتحويل الانتصار المتحقق في غزة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على قاعدة اتفاق أوسلو والمفاوضات غير المجدية.
الرئيس محمود عباس أعلن أمس, في كلمته أمام مجلس وزراء الخارجية العرب أن (إسرائيل) تعتبرنا "جراثيم" وأنها تريد سلطة بلا سلطة، وأن الولايات المتحدة الأمريكية فشلت في وساطتها لاستكمال المفاوضات، إذًا ما الذي ينتظره الرئيس وتنتظره منظمة التحرير من شركاء ورعاة "للسلام" أصابوه بحالة من اليأس الشديد، لماذا لا يقرر الرئيس فصل المصالحة عن سير المفاوضات؟.
الانتخابات هي الطريق إلى المصالحة..هكذا يقول الرئيس, ولكننا لا نرى حكومة التوافق أو حكومة الرئيس تقوم بأي خطوة تجاه إجراء انتخابات، فالكلام وحده لا يكفي ولا بد من أن تقوم الحكومة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه ومن ذلك الإعداد من أجل الانتخابات حتى نخرج من مرحلة النظرية إلى التطبيق العملي على أرض الواقع.
مطلوب منا كفلسطينيين إنجاز المصالحة الداخلية بمعزل عن معركتنا مع العدو، ونحن لا نرفض استخدام ما حصل في غزة كورقة ضغط على المحتل الإسرائيلي من جانب الرئاسة الفلسطينية, ولكن لا بد من إدراك أن المحتل لا يرغب بالتوصل إلى أي حل مع السلطة، وكذلك لا بد من إدراك أن المقاومة وأهلنا في غزة لن يصبروا أكثر على الحصار وتعطيل الإعمار.