د. عصام شاور
غالبية الدعاية الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية الحاكمة تعتمد على إيقاع الأذى في الشعب الفلسطيني سواء بشكله السياسي أو العسكري، كذلك فإن أحزاب المعارضة تستخدم التحريض ضد الفلسطينيين وتتوعدهم وتدنس مقدساتهم من أجل كسب ثقة الجماهير الإسرائيلية المتعطشة للدم، إلا أن الانتخابات الإسرائيلية الحالية كانت أحد تداعيات الهزيمة النكراء التي مني بها جيش الاحتلال الإسرائيلي أمام المقاومة الفلسطينية, وبذلك لن تكون غزة مسرحا لدعايتهم الانتخابية, ومع ذلك فقد نفذ العدو غارات محدودة ضد أهداف فلسطينية في غزة دون وقوع إصابات.
رغم عدم وقوع إصابات فإن الغارات الإسرائيلية تعتبر خرقا فاضحا لتفاهمات التهدئة, إلى جانب خروقاته ضد المزارعين والصيادين والمماطلة في استئناف المفاوضات غير المباشرة . إن تهديد المقاومة بالرد المناسب في الوقت المناسب لن يكون مقنعا في حال استمرت هجمات الاحتلال ضد قطاع غزة، صحيح أن سكان القطاع ينشدون الهدوء والأمن بعد عدوان إرهابي غير مسبوق على قطاع غزة, وما زالت المعاناة قائمة حتى اللحظة دون أن تتحرك أطراف دولية وعربية لإزالة آثار العدوان، ولكنني أعتقد أن المقاومة الفلسطينية لن تظل رهينة لهدوء كاذب وأجواء لا أفق فيها لحلول سياسية قريبة.
كثير من المحللين السياسيين يستبعدون انفجارا قريبا للوضع في المنطقة, أي أنهم يستبعدون استئناف القسام لحربه ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يرفع الحصار ولم يسمح بإعادة الإعمار كما هو متفق عليه، أولئك ينطلقون في تحليلاتهم من حجم الدمار الذي حل بالقطاع والمعاناة الإنسانية التي خلفتها الحرب فقط ، ولكنهم لم يستحضروا الشلل الذي أصاب الكيان الغاصب نتيجة ضربات المقاومة على مدار أسابيع, فضلا عن الرعب والخسائر التي تكبدها العدو الإسرائيلي، ثم من جهة أخرى لا يمكن للمقاومة أن تستسلم بسبب الخسائر في الأرواح والممتلكات التي لحقت بالشعب الفلسطيني, ولو كان الأمر كذلك لأصبح القضاء على المقاومة الفلسطينية سهلا بالنسبة لـ (إسرائيل)؛ فقط المزيد من المجازر وهدم المنازل.
أعتقد أن المقاومة الفلسطينية لن تظل ساكتة على أي اعتداءات جديدة من جانب المحتل الإسرائيلي, وهي أيضا لن تظل ساكتة على التهرب من رفع الحصار وإعادة الإعمار, ولكن ماذا بالنسبة لراعي المفاوضات غير المباشرة؟ لماذا لم نسمع أي شجب أو استنكار من الجانب المصري للغارات الإسرائيلية؟ لماذا لم يتحرك المجتمع الغربي لتلك الخروقات وهو يعلم أنه سيكون في حالة انشغال دائم إذا ما استأنفت المقاومة الفلسطينية إطلاق صواريخها، وهناك آخرون سكتوا وكأن الحرب لا تعنيهم, وسنسكت عنهم لأنهم لا يقدمون ولا يؤخرون عندما يجد الجد.