د. عصام شاور
إن إقامة منطقة عازلة بعمق 500 متر من الجانب المصري وعلى طول حدود قطاع غزة مع مصر ليس بالقرار الجديد ولا علاقة له بجريمة قتل الجنود المصريين الأخيرة في سيناء، حيث إن القرار اتخذ قبل سنة وقد نفت حينها السلطات المصرية الخبر بعد تسريبه.
غزة ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بالعمليات العسكرية ضد الجيش المصري في سيناء، قوات الأمن الفلسطينية مسيطرة على الحدود مع مصر سيطرة تامة وتمنع الدخول والخروج غير الطبيعي للبضائع والأفراد من وإلى الجانب المصري، وكذلك فإن السلطات المصرية أغلقت بشكل شبه تام جميع الأنفاق مع قطاع غزة، وهذا يعني أن انتقال الأفراد من غزة إلى الجانب المصري أو بالعكس من خلال الأنفاق أصبح مستحيلاً، كما أن جميع مكونات الشعب الفلسطيني في غزة المحاصرة حريصون كل الحرص على تحسين العلاقة مع مصر بغض النظر عن طبيعة النظام القائم فيها، لأن مصر المتنفس الوحيد مع الخارج، ولأنها أصبحت الراعي الحصري للمصالحة والمفاوضات غير المباشرة مع المحتل الإسرائيلي، والأهم من كل ذلك لأننا كفلسطينيين ما زلنا نعتبر "إسرائيل" هي العدو الوحيد لشعبنا وقضيتنا ويجب أن نحافظ على بوصلة كفاحنا، ونؤمن كذلك بضرورة عدم التدخل في الشأن الداخلي للآخرين رغم أن الجميع يزج أنفه في شؤوننا الداخلية والخارجية.
اللواء سامح سيف اليزل من مصر هو أول من اتهم حركة حماس بالتورط في استهداف قوات الأمن المصرية في سيناء دون تقديم أي دليل على افتراءاته، فإلقاء الاتهامات جزافا على غزة وعلى المقاومة غير مقبول وكأنه مفروض على غزة وشعبها ومقاومتها تحمل تبعات إخفاقات البعض وأزماته ومشاكله الداخلية.
باختصار نقول: من حق مصر هدم الأنفاق ولكن ليس من حقها خنق غزة، من حق النظام في مصر بناء جدار عازل كما فعلت" إسرائيل" أو سور عظيم كسور الصين ولكن ليس من حقه إقامة جدار من عدم الثقة بين الشعب المصري الشقيق وشعبنا بالاتهامات الكاذبة السخيفة التي نسمعها كل يوم، والأهم من كل ذلك فإننا نرفض بشدة تعطيل المفاوضات السياسية غير المباشرة مع المحتل الإسرائيلي وتعطيل قطف ثمار الانتصار الذي حققته المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام على "أقوى جيش في المنطقة"، وإلا فيجب على الجانب الفلسطيني البحث عن وسيط آخر لاستكمال المفاوضات وتنفيذ شروط المقاومة قبل أن تضطر المقاومة الفلسطينية اعتبار المفاوضات منتهية والتهدئة لاغية وتدخل حرباً جديدة مع المحتل الإسرائيلي.