د. يوسف رزقة
ثمة مؤشرات تفيد بأن محمود عباس يتجه نحو إنهاء الشراكة مع حركة حماس. و قبل أن نستعرض بعض المؤشرات الدالة نطرح سؤالين: الأول يقول : هل ثمة شراكة حقيقية أو شبه حقيقية بين الطرفين؟! والثاني يقول: هل لمسّ المواطن الفلسطيني في غزة والضفة هذه الشراكة من خلال ما يسمى حكومة التوافق، أو من خلال آثارها ومخرجاتها؟!
لقد تابعنا بدقة عملية تشكيل ما يسمى حكومة التوافق، وتابعنا بدقة أكثر عمل رئيس ووزراء حكومة التوافق، وفتشنا عن الشراكة في كل ما تابعناه فلم نجد للأسف حكومة التوافق ذاتها، ولم نجد الشراكة الحقيقية ولا شبه الحقيقية، ولم نجد إلا محمود عباس وحده ؟! ، ولم نجد لحماس بصمة واحدة في حكومة التوافق، ولم نجد للحكومة عملا واحدا يدل على شراكة، أو حتى على إرادة شراكة وتوافق؟!
إن ما أقرره هنا ليس اتهاما، بل هو الحقيقة المرّة التي يجدر بالجميع أن يعترف بها، وأن يقرّ بوجودها بشجاعة ، ومن يملك عكسها، أو نقضها، فنرجوه شاكرين فضله ، أن يبين ما عنده للمجتمع الفلسطيني، وبالذات الغزي، لأن الناس في غزة يترحمون على ما كان قبل اتفاق الشاطئ العتيد؟!
لا يوجد لحماس شراكة فيما يسمى حكومة التوافق، لا عند الإنشاء ولا بعده في أثناء ممارستها لعملها، فليس لحماس وزير واحد فيها لا اختيارا ولا هوية سياسية، وجميع من فيها هم أفاضل ، ولكن من اختيار محمود عباس.
ثم ليس لما يسمى حكومة توافق من الصلاحيات إلا ما يأذن به محمود عباس، لا ما يعطيه النظام الأساس الفلسطيني. النظام الأساس المنظم للصلاحيات بين مكونات نظام الحكم في فلسطين لأ يعدو حبرا على ورق، فقد تمكن محمود عباس من شلّ النظام الأساس، وإجلاسه على الرف، بعد أن أجلس المجلس التشريعي المنتخب لا في غزة فحسب، بل وفي الضفة أيضا، على الرصيف ، أو قل على مقاعد المتفرجين في مبارة باردة.
المجلس التشريعي المبجل، والتبجيل هنا حقيقي لكل أعضائه حيثما كانوا، عاجز عن القيام بواجباته، وعن أداء دوره بموجب القانون والدستور، ومن هم في غزة من ممثلي كتلة التغيير والإصلاح لا يتلقون رواتبهم، لا قبل حكومة التوافق، ولا بعد مباركتهم لحكومة التوافق.
النواب الذين يمنحون الثقة لرئيس السلطة، وللحكومة، ومن صلاحياتهم المراقبة والمحاسبة، عاجزون عن فعل شيء؟! و حكومة ما يسمى بالتوافق فيما يبدو لي أشد عجزا، ومعاناة من المجلس التشريعي، لأن وجودها لا لون له ولا طعم ولا رائحة، ولم يشعر أحد في غزة بوجودها لا في الحرب، ولا قبل الحرب.
بعد توقف الحرب، أو قل أعمال القتال، نطق رئيسها مبشرا من يبحث عن حياة بين أنقاض الهدم والتدمير بغزة الغزيزة على الأحرار فقال رحم الله أجداده الطيبين: ( حماس على قائمة الإرهاب دوليا، ودول العالم نصحتنا بعدم صرف رواتب موظفي غزة ؟!!!!!!!)
ألّا تعلم سيدي الأستاذ الدكتور أن رئيسك، رئيس السلطة، رئيس منظمة التحرير، قد أبرم اتفاق المصالحة في مصر، ثم اتفاق الشاطئ العتيد، الذي بموجبه صرت رئيساً للوزراء، مع حركة حماس التي تذكرنا أنت الآن بأنها على قائمة الإرهاب الدولية؟!
أمركم سيدي، لا الشخصي ، ولكن الاعتباري بموجب المنصب ، عجيب غريب ، وغير مفهوم لا أكاديميا ولا أخلاقيا، لأن السؤال الذي يدور على لسان من سمع تصريحاتهم يقول : إذا لماذا أبرمتم مع حماس اتفاق الشاطئ، واتفاق مصر للمصالحة،؟! هل كنتم تفاوض أناسا من خارج حماس؟ بالله عليكم كيف تحكمون، وكيف تقدرون؟!
هل لي عزيزي أن أقول إن عباس أبرم الاتفاق لأخذ ورقة الشرعية، والتفرد في الحكم، برعاية أميركا واسرائيل، وعندها تناسيتم معا الموقف الدولي وقصه الارهاب ؟! وبعد أن توهم الرئيس وغيره أنه أجلس حماس على الرصيف تذكرتم معا الموقف الأميركي الإسرائيلي حول حماس والارهاب، لكي تتخلوا عن مسئولياتكم، وواجباتكم الطبيعية بموجب اتفاق المصالحة في مسألة الرواتب وغيرها أيضا. وحين رفضت حماس الرصيف، وأثبتت وجودها، ووجود الشعب الفلسطيني من خلال المقاومة والصمود في حرب ضروس على مدى (١٥) يوما، انتهت بوقف إطلاق النار، وعودة الى الحياة المدنية والإعمار، قرر عباس تعذيب حماس وأنصارها من خلال تعذيب غزة وسكانها. اعلم أنني لم أتحدث في مؤشرات فك الشراكة، ولكني سأتحدث عنها في المقال التالي إن شاء الله.