د. يوسف رزقة
لقاء ميونخ يعرب باسم الرباعية الدولية عن قلقه من تأخر إعمار قطاع غزة، وتداعيات هذا التأخير على الأوضاع في المنطقة؟! ودعا أعضاء الرباعية الدول المانحة بالوفاء بتعهداتها المالية بحسب مؤتمر القاهرة ؟!
يبدو أن هذا الدعوة جاءت استجابة لأمرين : الأول لدعوة ( الأنروا) التي تعرضت لانتقادات حادة من المتضررين الغاضبين في غزة، وإحراق إطارات السيارات أمام مقرراتها، بسبب تراجع الأنروا عن تقديم المساعدات، وبدلات الإيجار لمن هدمت بيوتهم هدما كاملا. والثاني بسبب الخشية من التداعيات التي بدأت تهدد استقرار المنطقة، حيث تنذر التداعيات بتجدد القتال في المنطقة.
لقاء ميونخ لم يقدم جديدا في ملف إعادة الإعمار ذلك لأنه وقف عند الإعراب عن القلق ، وكأن دوره هو التعبير عن المشاعر، بينما كان هذا من اختصاص بان كي مون في تناوله للقضايا العربية فقط؟!
عدوى (بان كي مون) انتقلت إلى اللجنة الرباعية، وصار القلق هو غاية ما يقف عنده المجتمع الدولي والأمم المتحدة في تناول الصراع في فلسطين المحتلة، وفي تناول الحقوق الفلسطينية؟! بينما تشكل هذه الدول تحالفا عسكريا وأمنيا برعاية المنظمة الدولية، في مواجهة تنظيم الدولة فورا وعلى وجه السرعة . القنبلة والصاروخ في مواجهة القاعدة، والدولة، والإسلام السياسي، والقلق فقط في مواجهة العدوان الإسرائيلي. إن الفرق بين القلق، والقنبلة، كالفرق بين السماء والأرض؟!
العمران متعطل في غزة بقرار إسرائيلي، وتواطؤ دولي، وصمت عربي أيضا، فلا أحد في مكونات هذه القوى يستمع جيدا لشكوى أهل غزة، وألم المتضررين، بينما تتجه المنطقة نحو المجهول. المجهول الذي تتجه نحوه المنطقة لا يمكن الوقوف على مخرجاته. إن الحديث في مخرجات هذه الحالة حديثزخطير بالتأكيد. واحتمالات وقوع الحظور ممكنة الوقوع في أية لحظة، إذ لا يمكن حشر مليون وثمانية أعشار المليون في مساحة ضيقة، وبطالة خانقة تصل الى 50% ، مع غياب شبه كامل لمواد البناء؟!
لا أفق ، ولا ضوء في نهاية النفق، ولا معالجة جيدة أو موضوعية لمشكلة الإعمار على المستوى الدولي، مع انشغال شبه كامل بتنظيم الدولة، والقاعدة، وإسناد الاستبداد ، والثورات المضادة لمطالب الشعوب العربية في الحرية والعدالة والديمقراطية.
يبدو أن تعطيل الإعمار أمر سيطول ويمتد زمنا ومعاناة، لا سيما مع تصريحات هورتسوك، رئيس حزب العمل، وغيره من قادة الأحزاب، الذين يريدون أن يقايضوا إعادة الإعمار بسلاح المقاومة، وهي معادلة تقع في خانة المستحيل. لأن سلاح المقاومة هو روحها، وهو أصل وجودها. وهذا يعني أن الأحزاب الاسرائيلية تتنافس على مقاعد الانتخابات من خلال إبقاء الألم والمعاناة لغزة وسكانها، بينما يصم مؤتمر ميونخ أذنيه عن سماع الحقيقة، وعن النظر في المسالة نظرة بموضوعية، ومسئولة؟!