د. يوسف رزقة
ماذا قال بيان مجلس الأمن بشأن المسجد الأقصى؟ البيان في الأصل هو مشروع أردني تقدمت به بعثة الأردن في المجلس، وقد جاء فيه الآتي:
١- القلق البالغ إزاء تصاعد التوترات في القدس، وخاصة حول الحرم الشريف(المسجد الأقصي)".
٢- الدعوة إلى ممارسة ضبط النفس، والامتناع عن الأعمال الاستفزازية والخطابة.
٣- المحافظة - ودون تغيير- علي الوضع التاريخي الراهن في الحرم الشريف - قولا وممارسة ".
٤- الاحترام الكامل للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي".
٥- حث البيان جميع الأطراف بخفض التوترات ووقف العنف في الأماكن المقدسة في القدس الشريف".
٦- "الاحترام الكامل لقدسية الحرم الشريف، وكذلك علي أهمية الدور الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية، وذلك وفقا لمعاهدة السلام الموقعة عام 1994 بين الأردن وإسرائيل".
٧- السماح للمصلين بممارسة شعائرهم في سلام، بعيدا عن العنف والتهديدات والاستفزازات،وضبط النفس واحترام قدسية المنطقة ، وزيادة التنسيق بين إسرائيل وإدارة الأوقاف في الأردن".
٨- " الوقف الفوري لأعمال العنف والأمتناع عن أي أعمال استفزازية، بهدف استعادة الحياة الطبيعية بطريقة تعزز آفاق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
هذه هي أهم بنود البيان تقريبا كما تناقلته الصحف بعد أن صدر في صباح أمس الجمعة. وإذا نظرنا في البيان من حيث قيمته في معالجة الأوضاع المتفجرة في في الأقصى، نجده لا يعالج المشكلة من جذورها، فهو وإن كان كما يقولون ( أفضل من بلاش) لا يعالج الأزمة، ولا يطلب من إسرائيل بشكل مباشر بوقف اقتحامات اليهود له، ووقف كل الإجراءات الميدانية التي تجري من أجل تنفيذ التقسيم.
فماذا تجدي كلمة ( القلق البالغ؟!)، وكلمة ( ضبط النفس ؟!). مع حكومة يهودية متعصبة دينيا، وهي الحكومة التي تشرف على عمليات التغيير الديموغرافي في القدس، ومحيط المسجد الأقصى على وجه الخصوص، لتحقيق التهويد والتقسيم. ثم إن (الرباط والاعتكاف ) في الاقصى عبادة إسلامية كالصلاة والصيام والحج وغيرها ولا يجوز للبيان أن يربطها ( بالعنف؟!) كما تريد إسرائيل، فالمرابط والمعتكف داخل مسجده لم يتحرش باليهود في باب المغاربة، ولكن اليهود المقتحمين للأقصى من باب المغاربة هم من تحرشوا بالمصلين والمرابطين وأطلقوا الرصاص عليهم.
باختصار البيان ذو فائدة معنوية محدودة الأثر، ويكشف عن ضعف النظام العربي الذي يقف خلف البيان، و إن صياغة البيان تكشف للأسف عن هذا الضعف، فقد حرص كاتبه على مراعاة الادعاءات الإسرائيلية والاعتبارات الأميركية. وهذا في النهاية لن يمنع تجدد المشكلة وانفجار الأزمة لاحقا.
الأقصى مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، وأولى القبلتين، وثالث الحرمين الشرفين، وهو مكان مقدس خالص تماما للمسلمين، ذو طبيعة خاصة ويحتاج إلى لغة واضحة وحاسمة تضع حدا لإجراءات اليهود لتغيير هوية المسجد وطبيعته. وعبارة (عدم تغيير الوضع التاريخي في بند ٣) كلمة غامضة متلبسة، لأن اليهود يدعون ملكية تاريخية أيضا للأقصى، وهي مرجعيتهم في فكرة التقسيم ، و فيما يتعلق ببناء الهيكل المزعوم.