د. يوسف رزقة
محكمة العدل العليا الأوربية ترفع اسم حماس عن قائمة الإرهاب الأوربية. كان أمس السابع عشر من ديسمبر لعام ٢٠١٤م يوما مميزا في ملف حماس أمام القضاء الأوربي. أربع سنوات من الكفاح القانوني خاضها المحامي خالد الشولي وزميلته المحامية الفرنسية أمام محكمة العدل الأوربية انتهت بحكم قضائي يرفع عن كاهل حماس ظلما، أو خطأ ، وقعت فيه المفوضية الأوربية ، نتيجة لانحيازها السياسي إلى الاحتلال الصهيوني.
لقد ثبت بقرار المحكمة أن الإجراءات القانونية لوضع حماس على قائمة الإرهاب كانت ناقصة، وبها خلل قانوني غير مقبول على المحكمة، وأن الاستناد إلى قائمة الإرهاب الأميركية لا يكفي دليلا في المحاكم الأوربية للاختلاف بينهما في المعايير. ولعدم توافق المعايير الأميركية مع المعايير الأوربية.
أنا كفلسطيني تضررت كغيري ضررا كبيرا على مدى أربع سنوات بفعل قرار خاطئ في الشكل وفي المضمون ولم أتمكن من زيارة أوربا لهذا السبب مع حاجتي الماسة لهذه الزيارة، ولكن الضرر الذي لحق بحماس وبمؤسساتها كان أكبر. ويمكن لأنصار حماس ومؤيدوها في الغرب أن يقدموا صورا متنوعة من هذا الضرر الذي ثبت أنه كان مخالفا للقوانين الأوربية نفسها.
من حقي كفلسطيني أن أفتخر اليوم بالأداء القانوني الذي قام به المحامي خالد الشولي وزميلته، ومن حقي أن أردد العبارة التقليدية ما ضاع حق وراءه مطالب)، ولن يضيع حقي في وطني، وحقي في الحرية والاستقلال لأنني ما زالت أطالب به بكل الوسائل ، وسأصل إليه عاجلا أو آجلا إن شاء الله.
قرار المحكمة الأوربية حقق بعض الإنصاف لحركة حماس، وكشف خطأ المفوضية الأوربية ، وصفع نيتنياهو وإدارته العنصرية صفعة قوية أفقدت بعض المسئولين الصهاينة توازنهم إذ أخذوا في مهاجمة القرار الأوربي. نيتنياهو يطالب أوربا بإلغاء القرار وبإعادة وضع حماس على قائمة الإرهاب، وهو سيعمل من خلال القنوات السياسية مع المفوضية التي تنوي الطعن على القرار من أجل إلغائه. ولكن هذا المسعى لن ينجح لأن حماس حركة تحرر وطني تعمل ضد قوات محتلة، بحسب المشروعية الدولية في هذا الشأن. ثم إن أي موازنة بين ما تقوم به اسرائيل ضد السكان، وبين ما تقوم به حماس من دفاع عن النفس، يكشف عن مفارقة قاتلة تستوجب وضع حكومة الاحتلال على قائمة الإرهاب، أولا لاحتلالها الأرض الفلسطينية، وثانيا لقتلها المدنيين الفلسطينين، وثالثا لحصرها لقطاع غزة، وممارستها للعقوبات الجماعية خارج القانون الدولي.
قبل أن تحكم المحكمة بخطأ قرار وضع حماس على قائمة الإرهاب، كان كارتر قد قال لهنية إن قرار أوربا كان خطأ، وأنه قرار سياسي مائة في المائة، وليس أمام الاتحاد الأوربي إلا رفع هذا القرار. ما قاله كارتر عند زيارته لغزة، ولقائه مع إسماعيل هنية تحقق اليوم، وتم رفع حماس من القائمة الأوربية للإرهاب بقرار قضائي.
حماس الأن في بداية طريق جديد، وليست في نهاية طريق، لذا مطلوب منها أن تستثمر هذا القرار في المحافل الدولية، وبالذات في مؤسسات الأمم المتحدة، التي هي جزء من الرباعية الدولية، وهذا يتطلب من حماس التأكيد على هويتها كحركة تحرر وطني فلسطيني، وأن مقاومتها للاحتلال هي دفاع مشروع عن النفس.