د. يوسف رزقة
( لا انسحاب جديد من الضفة الغربية المحتلة؟! ولا .. لحل الدولتين؟!). هذا التصريح الذي نسبته المصادر إلى نيتنياهو ليس ( لوية دراع ) لعباس والسلطة بسبب القرارات الجديدة للمركزي، أو بسبب التوجه الفلسطيني الأعرج لمحكمة الجنايات.
وفي نفس الوقت فإنه لمن السذاجة العميقة أن ينظر الفلسطيني إليها على أنها دعاية انتخابية لليكود لكسب أصوات اليمين الذي يرفض حل الدولتين وينادي بالضم( وبالترنسفير).
إن التفكير بهذه الطريق ضرب من السذاجة التي لا تود رؤية الواقع بألوانه الصهيونية واليمينية المتطرفة. إن نيتنياهو و الليكود يرفضون حل الدولتين من أصله، ومنذ أن طرحه جورج بوش الابن في ظل أجواء سياسية إضطرت فيها أميركا الى إرسال سنارة بطعم للأنظمة العربية لاستقطابها لتأييد ضرب العراق، وتغيير النظام.
نيتياهو رجل دولة يمتلئ بالأيديولوجيا ، وقد أوصلته رؤيته الفكرية الأيديولوجيا الى سدة رئاسة الوزارء لأكثر من مرة، ومن ثمة لا يمكن النظر لمن رفض أوسلو أصلا واعتبرها خطأ ، أن يقبل بفكرة حلّ الدولتين، بالمفهوم الفلسطيني، أو حتى بالمفهوم العربي ، لأنه ببساطة نيتياهو يملك مفهوما خاصا لفكرة حل الدولتين، وهو مفهوم ينسف الرؤية الفلسطينية من أساسها، ويرفض أيضا الرؤية الأميركية و الأوربية، لذا نجده يسقط المبادرة العربية من التداول، ويرفض الحديث فيها، رغم أن نصائح عديدة من إسرائيليين وجهت إليه للقبول المبدئي بها، ثم التفاوض على تطويرها، وقد نقلت إليه مصادر معتبرة أن الدول العربية تقبل بفتح المبادرة للتطوير؟!
نيتنياهو رجل عنيد، ولا يقبل أقل من التسليم العربي والفلسطيني برؤيته لحل الدولتين، وهو غير مستعجل على إنهاء هذا الملف، لأنه لا ضرر لإسرائيل من إهماله وتأجيله، فالعرب، والفلسطينيين أيضا في نظره يعيشون أسوأ أحوالهم منذ عقود. إضافة إلى أنه يتحدث عن إختراق اسرائيلي لمجموعة من العواصم العربية، وأنه ثمة تحالف عربي إسرائيلي جديد يتشكل تحت الطاولة، في عدة ملفات ، وعدة قضايا ، ومنها قضية المقاومة الفلسطينية.
إن نفي اعلام الليكود للتصريح لا يعني شيئا، ولا يغير من الحقيقة التي يؤمن بها نيتنياهو وحزبه، ويجدر بنا أن ننظر إلى التصريح وإلى النفي على أنه لعبه دبلوماسية للقياس وللاختبار؟! ، ومن ثمة يمكنني أن أجزم أن حل الدولتين بحسب الرؤية الفلسطينية أو العربية قد سقط وانتهى من زمن طويل، وما تبقى هو الحل بحسب الرؤية الإسرائيلية ، ومن هنا جاء تصريح نيتنياهو الأخير لوضع النقاط على الحروف، وقد فهم صائب عريقات الرسالة جيدا، لذا نجده يهاجم التصريح بصفته جزءا حقيقيا من رؤية نيتنياهو ْو الليكود.
إن التعقيب الفلسطيني على التصريح دون المستوى المطلوب حتى من الأطراف الفلسطينية التي قبلت بمشروع حل الدولتين، مما يعني أن هناك عجزا في القيادة للتفاعل مع ما يضرها ويضر الشعب الفلسطيني، لذا فإن الحاجة للبحث في المشاريع البديلة التي تحررت بها الشعوب التي سبقتنا من نير الاحتلال أمر فرض نفسه من خلال تصريح نيتنياهو، وأفعاله في القدس والضفة.