د. يوسف رزقة
حماس لا تخشى الضرر من المصالحة المصرية القطرية، ولم تطلب إيضاحات من قطر في هذا الشأن. هذا ما صرح به مصدر مسئول في حركة حماس ردا على تجديف آت إعلامية تدعي العلم والإحاطة بما هو غير معلن، وأضاف أن الحركة تبارك الخطوة القطرية، وتقدر مبرراتها، وتأمل أن تسود المصالحة الدول العربية كافة، لأن المصالحة العربية الحقيقة ثمثل في النهاية رافعة للقضية الفلسطينية.
ثمة وسائل إعلامية اعتادت أن تلقي بحجارة في المياه الراكدة، إما من أجل الإثارة الرخيصة، أو من أجل خدمة مصالح طرف ثالث من خلال استقطاب معلومات جديدة من الأطراف، أو توسيع المسافة بين بينها؟!.
العلاقة بين حماس وقطر مستقرة، وحماس ليست طرفا ثالثا فيما كان بين قطر ومصر قبل المصالحة، لأن قطر تؤمن بقومية القضية الفلسطينية، وبعدالة الحقوق الفلسطينية، والأهم من ذلك أنها تقدر عاليا دور حركة حماس في الكفاح الوطني والقومي من أجل حماية الحقوق الفلسطينية، والوصول بفلسطين إلى تقرير المصير، ومن هنا التقت قطر بحماس، وفلسطين بشكل عام ، فقطر أكثر الدول التزاما بمساعدة الفلسطينيين.
المصالحة القطرية مهما قيل في مخرجاتها ليست أيضا ضد الإ خوان المسلمين، لأن الجزير مصر مباشر لم تنشأ من أجل الإخوان المسلمين، بل إن للدولة القطرية سياستها الخاصة بها، ومصالحها الخاصة بها، وعلاقاتها الإقليمية الخاصة بها أيضا، وإن إغلاقها استجابة لاعتبارات سياسية ومواقف طارئة في بيئة سياسية غير مواتية يقوم على اعتبارات قطرية بحته، ومن ثمة يجانب الصواب كل من حاول تحميل الموقف القطري ما لا يحتمل، حين يقفز عن الحنكة القطرية في التعامل مع المتغيرات في بيئة الخليج المتحركة، وفي بيئة إقليمية تستهدف الدولة القطرية نفسها.
حماس لا تخشى من لقاء قمة بين قطر ومصر برعاية الرياض، بل لا تمانع أن تكون جزءا منه، وحماس تطلب لقاء قمة مع القيادة المصرية أيضا ، ولكن مصر هي التي ترفض تطبيع علاقتها مع حماس، وبناء على ذلك فإن المصادر الإعلامية التي تبالغ في تداعيات المصالحة القطرية المصرية على حماس وعلى الإخوان، تقوم بعملية تجديف سياسي، يقوم على ما تتمناه هذه المصادر، لا على وقائع الميدان، ومقتضيات الحالة ، والمصلحة.
هؤلاء المجدفون في بحر التمنيات، حيث تقوم تحليلاتهم على ما يسمى تلبيس الطواقي، لا يحكون الحقيقة بمكوناتها، وينسجون من ( الحبة قبة ). قطر اضطرت لمصالحة رأت أنها تخدم مصالحها، وحماس ليست ضد هذه الرؤية على الإطلاق.
من أراد الحديث في المصالحة وتداعياتها عليه أن يتعمق أولا قراءة السياسة الخليجية، ومواقف مكونات مجلس التعاون الخليجي، من القضايا القريبة منه، والبعيدة عنه، ومن قضايا التغيير والثورة والديمقراطية، وفلسطين، والإرهاب كما يسمونه، وكما يعرفونه هم لا غيرهم.
كانت سياسة الخليج مسكونة بكثير من الغموض في العقود الماضية، ولكنها لم تعد كذلك بعد ثورات الربيع العربي، حيث اضطرت أنظمة الخليج أن تكشف عن كثير من مواقفها التي كانت تجري فصولها تحت الطاولة في غموض متعمد.