د. يوسف رزقة
( إسرائيل ليس أكثر أمنا). بهذه العبارة يمكن تلخيص موقف الجالية اليهودية في أوربا، ردا على تدخل نيتنياهو في شئون حياتهم ، ودعوته لهم بالهجرة إلى ( إسرائيل) على إثر حدث شارل إيبدو في فرنسا، وحدث مقتل يهودي في الدنمارك.
إسرائيل ليست أكثر أمنا لليهودي من الدنمارك، ومن فرنسا، ومن ألمانيا، ومن بريطانيا، وهذه الحقيقة يدركها اليهودي المقيم في هذه الدول، واليهودي المقيم في فلسطين المحتلة، كما يدركها سكان أوربا وأميركا والعالم. (اسرائيل) دولة محتلة تقوم على السلاح والحرب، وتواجه مقاومة مستمرة من الشعب الفلسطيني، فهي بعيدة بشكل كبير عن الأمن، وعن الاستقرار، وهي لن تناله بقوة السلاح والحروب المتكررة، ما دام الشعب الفلسطيني لم ينل حقوقه.
يقول الباحث اليهودي ( شموئيل روزنر) : ( إن السجال حول يهود أوربا هو في جوهره سجال حول ( إسرائيل)، ومكانتها). واعتقد أن يهود أوربا قد حسموا أمرهم وانتهوا منذ زمن إلى البقاء في أوربا، وعدم الهجرة إلى فلسطين المحتلة، ولو كان الأمر عندهم في موضع نقاش لما انتظروا دعوة نيتنياهو لهم بالهجرة طلبا للأمن.
يقول يهودي دنماركي:( أنا فخور لأني دنماركي، وأنا واثق أنني لا أفكر في أن علينا المشاركة في معركة نيتنياهو الانتخابية).
ما غاب عن نيتنياهو، وربما لم يغب عن يهود أوربا، أن سياسة إسرائيل في قتل الفلسطينيين، وطردهم من بلادهم، وهدم بيوتهم، وقصف منازلهم بالطائرات ، واستهداف منازلهم وجامعاتهم ومساجدهم وأطفالهم ونساءهم، هو الذي يعرض يهود أوربا إلى الكراهية، ويجعلهم عرضة لأعمال فردية عدوانية يعبر فيها الأفراد عن مشاعرهم ، في مقابل صورة القتل والدمار القادمة من غزة وفلسطين.
إن ما تقوم به دولة الاحتلال من أعمال عدوانية يؤسس لا لأعمال عنيفة ضد اليهود في العالم فحسب، بل يؤسس لزوال اسرائيل نفسها عن خارطة العالم، وهذا ما تتحدث عنه سيناريوهات المستقبل، وتتحدث عن إيران في وسائلها الإعلامية.
ثمة عدد كبير من سكان ( إسرائيل ) من اليهود لديهم اعتقاد راسخ أن إسرائيل ليست آمنة، وأنها لا تمثل البلد المستقر الذي يفضلون العيش فيه للأبد، ومع كل حرب تتجدد تزداد هذه القناعة، وتزداد الهجرة المضادة من فلسطين المحتلة إلى العالم الغربي وأميركا واستراليا.
دولة الاحتلال في عقيدتنا زائلة لا محالة، وهي بالمفاهيم السياسية والاجتماعية غير آمنة وغير مستقرة، والحروب المتكررة لن تمنحها الأمن والاستقرار الذي تعرفه فرنسا والدنمارك وألمانيا وبريطانيا البتة. وهذا هو منطق التاريخ ومنطوقه رغم إنكار حكومة الاحتلال له الآن.