د. يوسف رزقة
عندما يحتار المرء في قضية ما يقول لمن حوله من الناس بلغة دارجة ( والله أنا متخلبط. والله الأمر بخلبط؟!). ومن هذه القضايا قضية السياسات العربية الداخلية، والعلاقات البينية بين أنظمة الحكم. ولنأخذ نموذجا من هذه السياسات العلاقة السعودية بمصر في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.
قرأت فيما كتبت الصحف أنه ثمة تباين واسع بين الموقف السعودي مثلا، وبين موقف النظام المصري في القضايا العربية المختلفة. تقول هذه المصادر أن السعودية تؤيد الثورة السورية ضد بشار الأسد، ولا تراه جزءا من الحل البتة، بينما يراه النظام في مصر جزءا من الحل، ولا تقدم مصر أدنى تأييد للثورة السورية؟!
ثم تقول: العلاقة بين السعودية وروسيا علاقة متوترة أو مضطربة، وروسيا تتهم السعودية بأنها تقف خلف تدهور أسعار البترول، وتراجعها إلى نصف القيمة، وأنها لا تريد تخفيض إنتاجها حتى ترتفع الأسعار، وتقول روسيا إن السعودية تعمل هذا بالتوافق مع أميركا لضرب الموازنة الروسية. لذا اتخذت روسيا قرار ( بلفيتو) على مشروع دول مجلس التعاون الخليجي في مجلس الأمن، لإخضاع الحوثيين لعقوبات أممية تحت الفصل السابع. بينما العلاقة متينة بين النظام المصري وروسيا، وقد زار بوتين مصر مؤخراً، وأبدى تأييدا كبيرا لنظام الحكم فيها، وفي هذا تداعيات غير مريحة للسعودية؟!
وتقول المصادر: إن السعودية على خصومة مع إيران، وأنها استهدفت موازنة إيران أيضا بالعمل على تخفيض أسعار النفط، وقد صرح الإيرانيون بذلك. بينما علاقة النظام المصري جيدة بإيران، ويستشهدون على ذلك بشاهد من الساحة اليمنية، حيث تقول المصادر : بينما سحبت دول الخليج سفرائها من اليمن مع استيلاء الحوثيين على العاصمة، أرسلت مصر سفيرا جديدا إلى اليمن، وبينما يثني الحوثي على الموقف المصري، يذم الموقف السعودي.
ثم تقول المصادر : حين تدفع أميركا مليار دولار سنويا لأي من بلدان العالم، فإن الكونجرس والإدارة الأمريكية لا يدفعون هذا المبلغ إلا لنظام يتفق معهم في السياسة، والرؤية، والموقف. فكيف تدفع السعودية أكثر من سبعة مليارات دولار في سنة واحدة لنظام يختلف معها في السياسة، والرؤية ، والموقف، وفي قضايا حساسة وذات مغزى؟!
عندما قرأت هذا كما قرأه غيري في مصادره ومظانه، ضربت كفا بكف، وقلت والله الأمور في هذا العام باتت ( ملخبطة)، وبات أهل السياسة والمحللون أكثر( لخبطة). وقد كتبت قبل يومين مقالا بعنوان ( واقع ليس له قياس)، وكنت أتكلم فيه عن الواقع العربي في هذا العام، والعامين السابقين، لأن السياسة العربية العربية من فصيلة ما لا يفهم، بينما السياسة العربية الإسرائيلية من فصيلة ما يسهل فهمه؟! . والحمد لله رب العالمين فنحن أعني العرب من ينشدون ويغنون : أمة عربية واحدة؟!