د. يوسف رزقة
من قتل الشاب ( زكي الهوبي) ابن السبعة عشر ربيعا؟! الرصاصة التي قتلته كانت مصرية، والقاتل كان مصريا؟! ولكن مصر التي قتلت الفتى الفلسطيني ، هل هي مصر الجيش، أم مصر الإعلام؟! القاتل من الجيش، ولكن المحرض على القتل هو الإعلام. لو لم يكن ثمة تحريض إعلامي شرس ضد غزة، وسكانها، ومقاومتها، لما وقع حدث قتل الهوبي بهذه الطريقة المستهترة بروح الإنسان.
كان يمكن للجيش المصري أن يلقي القبض على الفتى الهوبي ، كما ألقى القبض على زميله كما يقول الخبر. وكان يمكن له أن يطلق النار على الأرجل وأن يصيبه بجرح مقعد يمكن من القبض علية، ويمنع هربه.
لم يكن الهوبي يمثل خطر على الجنود المصريين المتواجدين على الحدود، ولم يكن يمثل خطرا على أمن مصر، فالشاب لم يكن مسلحا، ولا مهربا، ولكنه كان ( فلسطينيا، ويسكن غزة) وهذه جريمة مركبة؟!، وهي أخطر ما في الموضوع؟!
يجدر بالفلسطيني والغزي على وجه الخصوص ألّا يقترب من الحدود مع مصر. نعم يمكنك الاقتراب من الحدود الشرقية لغزة مع دولة الاحتلال والعدوان، ولا يمكنك الاقتراب من حدود رفح مع مصر الشقيقة؟! إن الأقتراب من حدود الأشقاء يعني الموت، والاقتراب من الأعداء ربما يقف عند الاعتقال، أو الإصابة في الأرجل؟!
إن ما يؤلم في هذه المفارقة، أن القتل هو نتاج مباشر ( للأحقاد، والكراهية)، التي بثها الإعلام المصري ضد غزة وسكانها، وهذا ما جعل الشقيق قاتلا، ومفاخرا في قتله. وصدق القائل: وظلم ذوي القربى أشد على النفس مضاضة من وقع الحسام المهند.
عائلة الهوبي لم تطلب شيئا كبيرا عند مقتل ابنها، لقد طلبت لجنة تحقيق للكشف عن ملابسات القتل، وهل كان بالإمكان تفادي إطلاق النار على فتى صغير السن بهذه الطريقة المسكونة بالكراهية والموت؟! لا أحد في مصر عقب على طلب العائلة؟! ولا أحد أبدى أسفة من مقتل برئ اقترب من الحدود دون أن يهدد حياة أحد؟! لقد صمت الإعلام المصري، ولم يناقش أسباب مقتل فلسطيني بهذه الشاكلة، بينما يضرب سلام تعظيم للإسرائيلي حين يجتاز الحدود، ويسلمه لدولته فورا؟!
كم ساعة من النقاش والتحليل كان يمكن للإعلام المصري أن ينفقها لو كان المغدور مصريا وبرصاصة فلسطيني؟! لقد عشنا هذا الافتراض عمليا، وحوّلنا الإعلام المصري يومها إلى مجرمين وإرهابيين، وأغلق المعبر، وطالبنا باعتقال القاتل، وتسليمه؟! أما وأن المغدور فلسطينيا غزيا، فلا حديث عنه، ولا لجنة تحقيق، ولا اعتذار، ولا حتى أسف كلامي يطيب نفوس العائلة.
مصر الإعلام الحاقد هي من قتل، والجيش هو من داس على الزناد، لذا لا علاج لعملية القتل هذه ومثيلاتها قبل علاج مشكلة أجهزة الإعلام التي تحرض على قتل الفلسطيني، وقتل الغزي وتجريمه بالإرهاب. أعيدوا الإعلام إلى جادة الصواب قبل أن تتكرر حوادث القتل.