د. يوسف رزقة
الحديث عن غياب الديمقراطية في العالم العربي ليس بالحديث الجديد ، أو بالحديث المثير، بل إنه لا يلفت انتباها الناس، كما لا يلتفت الناس إلى إشراق الشمس من المشرق، وغيابها في المغرب، لطول الألفة، وتواصل العادة. لا أحد في العلن العربي يناقشك في هذه البدهية، ولا أحد في الغرب يؤمن بأنه ثمة أنظمة ديمقراطية في العالم العربي. في العالم العربي كل شيء موجود إلا الحرية والديمقراطية.
لذا لا أود أن أتحدث إليك الآن في الديمقراطية الغائبة، وإنما أود أن أتحدث معك في غياب العقل للنظام العربي ، الذي بات يصنع التطرف الديني، والتطرف السياسي، ثم يقوم بمقاتلته، ويشارك في تحالفات دولية لمقاتلة تشدد أو تتطرف هم من صنعوهم بأيديهم، وبسياستهم الغبية، في رأي، والماكرة في رأي آخر، وهم لا يخبرونك عن مستقبل تدخل التحالف في المنطقة. هم جاءوك بالتحالف، ثم ينفقون من أرصدتهم المالية، ومدخرات شعوبهم على هذا التحالف؟!.
من المعلوم أن الإخوان المسلمين هم كبرى الحركات الاسلامية في العالم، وأوسعها انتشارا، وهم يمثلون الإسلام الوسطي، بل والمهادن ، باتفاق العلماء قاطبة، وباتفاق السياسيين في العالم، عدا اسرائيل، وبعض زعماء النفط.
قال مرشد الإخوان في العالم، وفي مصر أن سلمية الإخوان أقوى من الرصاص،،؟! فلم تنجهم هذه السلمية الطيبة من الاعتقال، ومن الإعدام، ومن السحل، ومن الموت تحت التعذيب؟! والغريب في الأمر أن مجموعة ما يسمى بدول الاعتدال، هي أشد الناس عداوة للإخوان، وللاسلام الوسطي؟!
دول ما يسمى بالاعتدال تضع هذه الجماعة بامتداداتها القطرية على قائمة الإرهاب، وتمارس ضد أعضائها القتل، والاعتقال، والإبعاد، ومصادرة الأموال، دون مبرر من دين، أو من قانون، أو من عقل. ثم تشتكي في وسائل الإعلام من ميل المسلمين إلى التطرف، ويقاتلون جماعات التطرف والتشدد، وهم من تسببوا بوجودها. ، إن هؤلاء حين يستخدمون السلاح ضد الأنظمة يملكون حجة قوية ومقنعة لأنفسهم، ولمن خلفهم من الشباب، الذي بات يفضل الموت على سلمية الإخوان، ودخول المعتقل، ومقاساة صنوف العذاب التي لا يتخيلها عقل بشر يملك ذرة من ضمير إنساني؟!
تزعم الدولة أنها تدافع عن نفسها ضد التطرف، ولكن لم يعد يصدقها أحد؟! وتقول الجماعات المسلحة التي تعمل ضد الأنظمة أنها تدافع عن نفسها ضد عدوان الدولة، وفي كل يوم يزداد أنصارها، وتثبت الوقائع التي يشاهدها الناس في كل مكان أن العدوان يبدأ من الدولة، وأن قادة من النظام العربي يصنعون التطرف ليضربوا المتطرفين وغير المتطرفين معا، لاستبقاء الشعوب كقطيع يرضى بالشعير، وليس لهامطلب آخر بعد الشعير.
ثمة عدوان شرس على الإسلام الوسطي، وعلى من يحملونه منذ سينين طويلة، وربما كان عامنا هذا الذي يوشك أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، أشد الأعوام قسوة وعدوانا على الإسلام وعلى المسلمين، حتى بات اليهود حلفاء في الحرب ضد الإسلام والمسلمين ، وبات اليهود مستشارون للتحالف وغيره، في الحرب ضد المسلمين.
ومن المؤسف أن تتسابق دول ما يسمى بالاعتدال في صناعة قوائم الإرهاب، ووضع مؤسسات وروابط دعوية، وخيرية، تعمل في أوربا بين المسيحيين على قائمة الإرهاب، بينما ترفض الدول المسيحية نفسها هذا التصنيف العدواني الغاشم ولا تعترف به. وكأن العالم المسيحي الغربي بات أرحم على الصحوة الإسلامية المعتدلة، من قادة دول عربية يزعم قادتها أنهم يخدمون الإسلام، ويتمسكون بالوسطية والاعتدال؟! واللافت للانتباه أنه لا توجد على هذه القوائم لا منظمة يهودية، ولا منظمة مسيحية، وكأن التطرف تخصص إسلامي، ينما نحن في فلسطين فقد كل شيء بسبب تطرف اليهود ؟! فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.