د. يوسف رزقة
في حكومة نيتنياهو لا يتركون حدثا إلا استثمروه من أجل تحقيق أحلامهم في السيطرة على القدس، وعلى المسجد الأقصى. حكومة نيتنياهو تلعب على كل الحبال، وعلى كل المتناقضات، من أجل إفشال انتفاضة القدس الأخيرة. ومن هذه الألعاب المثيرة للاشمئزاز ، اتصال نيتنياهو ببعض الدول العربية يطلب مساعدتها على إخماد الاحتجاجات في القدس بادعاء أن الإخوان المسلمين هم من يقفون خلف هذه الأحداث، وهذا التصعيد، ويهدفون من ورائه زعزعة استقرار المنطقة؟!
نيتنياهو بهذا التصريح الذي خاطب به دولا عربية تقف موقفا عدائيا مع الإخوان، أو موقفا متحفظا منها، يريد من خلاله تجنيد عواصم عربية، إضافة إلى السلطة للمساعدة في إفشال انتفاضة الغضب الجديدة، ضد الممارسات الإسرائيلية في المسجد الأقصى. لقد تمكن نيتنياهو من تحقيق بعض ما يريد، فقد توقفت دولا عربية عن إدانة إسرائيل، وتوقفت عن اتخاذ إجراءات عملية ضدها في المؤسسات الدولية، وقيل إن اسرائيل أقامت مع السلطة غرفة عمليات مشتركة لمتابعة تطور الأحداث في القدس، وإحباطها؟! .
يقول نيتنياهو في تصريحه الأخير إن حماس ، والشيخ رائد صلاح ، يقفان خلف أحداث المسجد الأقصى والقدس، وأنهما ينتميان إلى حركة الإخوان المسلمين، وبناء على ذلك فالإخوان هم من يهددون استقرار الأقصى والمنطقة، وهذا يحتاج إلى عمل مشترك بين اسرائيل والعرب لمحاصرة أنشطة الإخوان ؟! تصوروا هكذا يريد نيتنياهو أن يحاصر الإخوان بالتعاون مع العرب، حتى يستفرد بالقدس والأقصى ؟!
لم يفت نيتنياهو بعد هذه الصفاقة في الادعاء، أن يتهم قطر وتركيا، بالوقوف خلف أنشطة الإخوان، وأنشطة حماس في القدس. وبهذا يكون نيتنياهو قد خلط أوراق المنطقة خلطا يحقق لإسرائيل أهدافها، ومنها:
- محاصرة أنشطة أهلنا في القدس، وحرمانهم من الظهير العربي.
- محاصرة حركة حماس، باعتبارها أقوى المشاركين في أنشطة المقدسيين، والراعية لها.
-محاصرة تركيا، وقطر من خلال اتهمهما بتأييد الإخوان وحماس.
- توسيع حالة العداء بين تركيا وقطر من ناحية، والسعودية، ودول الخليج ومصر من ناحية ثانية.
- تعزيز ما أسماه هو عن التحالف الجديد الذي ظهر له في الحرب الأخيرة على غزة.
نيتنياهو شخصية بارعة في المناورة، وفي استغلال الفرص، واستثمارها، وفي خلط الأوراق، وإحباط التوجهات الدولية لإدانة التصرفات الاسرائيلية، في مسألة القدس.
نيتنياهو يقول لمسئولة الخارجية في الاتحاد الأوربي، القدس ليست مستوطنة، القدس عاصمة اسرائيل، والبناء فيها كالبناء في لندن وباريس، وهو قول يكشف عن السبب المباشر لاحتجاجات أهلنا في القدس، بينما يزعم بسذاجة واستخفاف أن الإخوان هم السبب فيما يجري في القدس؟!
لقد فتحت الأنظمة العربية التي أعلنت عداءها للإخوان باب الكذب والصفاقة لنيتنياهو ليمرر من خلاله إجراءاته لتهويد القدس، وتقسيم الأقصى، وحرمان أهلنا في القدس من أي مساعدة عربية، وهو يخرج لسانه للجميع.