د. يوسف رزقة
قلنا في مقال سابق إن إقرار قانون يهودية الدولة الذي وافقت عليه حكومة نيتنياهو يتضمن تجاوزا لاتفاقية أوسلو التي نظمت علاقة السلطة الفلسطينية باسرائيل ( دولة الاحتلال) . وطالبنا فيه بما طالب به كتاب ورجال قانون ، أعني سحب اعتراف منظمة التحرير باسرائيل، والانسحاب من اتفاقية أوسلو، لأن الاعتراف في التسعينيات كان بدولة اسرائيل، لا بدولة يهودية تلغي حقوق المواطنة عن سكان فلسطين ١٩٤٨م من عرب ومسيحيين؟!
اليوم تتواتر تحذيرات الخبراء والباحثين للحكومة الأردنية من يهودية الدولة. جلّ المتحدثين في هذا الموضوع في الساحة الأردنية وخارجها يحذرون الأردن من التداعيات التالية لإقرار هذا القانون، ومنها: أن يتحول سكان فلسطين المحتلة من العرب والمسيحيين إلى أصحاب إقامات يمكن أن تسحبها الدولة منهم لاحقا، وهذا يعني إخراجهم وإلقائهم على الأردن. ومما يعظم من شعور هؤلاء بالقلق: أن حلّ الدولتين بات في غير الوارد اسرائيليا، وعليه فإن دولة( فلسطين الحاجز المانع للوطن البديل ) لن تكون موجودة لمنع تداعيات قرار يهودية الدولة على الأردن.
ومن المعلوم أن ثمة استراتيجية اسرائيلية قديمة وقائمة تقوم على أن شرقي النهر هو وطن الفلسطينيين، وهو ما يعرف اختصارا ب ( الوطن البديل)، وقد قاومت الأردن وفلسطين هذه الاستراتيجية، التي تراجع الحديث عنها مؤقتا بسبب المفاوضات على قاعدة حلّ الدولتين، وبسبب سياسة التدرج التي تسير فيها حكومات الاحتلال. أحزاب اليمين الاسرائيلي لم تشطب حلّ ( الوطن البديل)، ما زال هو الحلّ المفضل عندهم. إن من يرفضون قيام دولة فلسطينية في الضفة والقدس وغزة بما فيهم نيتنياهو ، ما زالوا يعملون مخلصين لمشروع الوطن البديل.
بالأمس القريب عاد ليبرمان لهذا الحل حين دعا لتقديم حوافز وتسهيلات مالية واقتصادية لسكان فلسطين المحتلة من العرب والمسيحيين لترك موطنهم والانتقال إلى الضفة أو الأردن، أو دول أخرى، وهذا سيطبق على القدس ، وبهذا تبدأ فكرة الترنسفير بآلية سلمية كما يقول ليبرمان لتنتهي آليات أخرى قاسية وعنيفة.
في ضوء هذه التداعيات المحتملة في القراءة الأردنية ، ينصح الخبراء والباحثون الحكم في الأردن بأمرين:
الأول إلغاء اتفاقية وادي عربة باعتبارها أنها كانت موقعة مع دولة إسرائيل، و ليس مع دولة إسرائيل اليهودية ؟! والثاني الإسراع بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطين في الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام ١٩٦٧م والتعامل مع السلطة على أنها دولة. وبهذا تسهم الأردن في استقرار الدولة الحاجز، والدولة المانعة لمشروع ( الوطن البديل) وهو مشروع يهدد بزوال الأردن عن الخريطة.