د. يوسف رزقة
الأيام السوداء في تاريخ القضية يبدو لا تقبل إحصاء لكثرتها، ولكن اليوم الأسود في حياة الأمة الاسلامية ، والعربية، كان بحسب خطيب الجمعة في المسجد الأقصى يوم الخميس٣٠/١٠/٢٠١٤ حين أعلنت حكومة نيتنياهو إغلاق المسجد الأقصى المبارك إغلاقا تاما، لأول مرة في تاريخ الاحتلال منذ عام ١٩٦٧، ولأول مرة في التاريخ بعد انتهاء الحروب الصليبية.
في هذا اليوم الأسود حقاً لم يتمكن المسلمون من إقامة الصلاة في المسجد. وهنا يجدر أن نذكر من غفلوا عن الحدث، وعن خطورته، وعن تداعياته، أننا نتكلم عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. أي نحن لا نتكلم عن مسجد صغير في قرية صغيرة، أو ريف معزول. نحن نتكلم عن مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومنطلق معراجه، من البقعة المباركة، التي باركها الله وبارك من حولها. نحن نتكلم عن الأقصى ، الذي أهرق صلاح الدين الدم الزكي من أجل تحريره، وما ابتسم للحياة إلا من بعد أن رفع الأذان فيه والمسلمون منتصرون يكبرون ويحمدون.
لا يدرك الغافلون حجم جريمة الاحتلال بإغلاقه الأقصى، إلا إذا تخيلوا في الفضاء الافتراضي أن اليهود تمكنوا لا سمح الله من إغلاق الحرم المكي، أو الحرم النبوي الشريف ؟! . نحن كمسلمين وكفلسطينين في حاجة إلى هذا التخيل الافتراضي، لندرك ماذا يعني لنا وللمسلمين أن يقوم اليهود بإغلاق ثالث الحرمين الشريفين، اول القبلتين ، ومسرى خير البرية .
إنه يوم أسود يجدر أن يؤرخ به المسلمون لتاريخ مذلتهم، وخذلانهم الثاني للنبيهم ، صلى الله عليه وسلم، ولبيت مسراه الشريف، حيث كان الخذلان الأول يوم حرقه اليهود قبل أربع عقود ونصف.
لم يفعل حكام المسلمين شيئا بعد الحريق غير الشجب والاستنكار، مما أفرح جولدمائير رئيس وزراء حكومة الاحتلال في ذلك اليوم، واليوم يقف القادة العرب والمسلمين، مع الصم البكم العمي، الذين لا يغارون على على صلاة، ولا على مسرى، ولا على عرض، أو دين، ويتركون أهلنا في القدس يدافعون عن الأقصى بصدورهم العارية؟!
إنه لمن المؤسف أن تتناقل وسائل الإعلام أن غرفة عمليات مشتركة بين أجهزة أمن الاحتلال، وأجهزة أمن السلطة لتنسيق الخطوات والإجراءات معا لمنع انتفاضة ثالثة في القدس؟! دون أن نجد من السلطة من ينكر الخبر أو ينفيه؟! وإنه لمن المؤسف أن تفسر الصحف العبرية زيارة رامي الحمد الله رئيس وزراء حكومة التوافق الى المسجد الأقصى، على أنها كانت بتنسيق مع حكومة نيتنياهو من أجل أن تقوم السلطة بتهدئة غضب المقدسيين؟! دون نفي من الحمد الله أو غيره.
في هذا اليوم الأسود، الذي هو من مواليد بيئة عامة أشد سوادا وقتامة وعتمة، لا تلف فلسطين فحسب، بل تتجاوز فلسطيني لتلف الأمة العربية والإسلامية من المحيط الى الخليج، وفي جميع القارات . هذه البيئة السوداء التي يعمل فيها قادة عرب عبيدا عند اسرائيل، يقتلون شعوبهم من أجل أمنها، ونيل رضاها، لكي تدعم بقاءهم في كرسي السلطة والحكم، من خلال ما تتمتع به من نفوذ في أميركا. هؤلاء العبيد هم من أغروا حكومة الاحتلال على إغلاق المسجد الأقصى، دون اهتمام بغضب العرب والمسلمين، وهؤلاء لا يرون في الغلاق جريمة؟! كيف لهؤلاء أن يروا في الإغلاق جريمة كبيره، وهم من قتلوا المصلين في المساجد، وهم من هدموا المساجد على من فيها في بلادهم، وهؤلاء هم سكتوا عن قصف اسرائيل وتدميرها لأكثر من سبعين مسجدا في حرب العصف المأكول .