د. يوسف رزقة
لليوم الثالث على التوالي تقوم سلطات الاحتلال باقتحام المسجد الأقصى وتعتدي بالضرب وإطلاق الرصاص وقنابل الغاز على المصلين المسلمين لفض تجمعهم ورباطهم وإخراجهم من المسجد. في ظني أنه لن يكون هجوم اليوم الثالث هو الهجوم الأخير، بل من المنتظر أن تتكرر الهجمات وبقسوة أشد حتى تصل حكومة نيتنياهو إلى ما تريد من إقرار الأمر الواقع القاضي بتقسيم المسجد بين المسلمين واليهود.
قدمت فضائية الجزيرة صباح أمس الثلاثاء تغطية مباشرة لوقائع ما يحدث في المسجد الأقصى، واستضافت ممثلين عن حماس، وفتح، والمبادرة، والحركة الإسلامية داخل ١٩٤٨، وخطيب الأقصى عكرمة صبري، وبعض المرابطين، وكانت تغطيتها الإعلامية جيدة ومسئولة، وفيها نصرة إعلامية ومعنوية للمرابطين، ولكنها للأسف كانت الفضائية العربية الوحيدة تقريبا في هذا العمل المباشر إذا استثنيا القدس والأقصى الفلسطينيتين.
ما لفت نظري في تغطية الجزيرة أمران : الأول - يؤكد على أن ما يجري في الأقصى يكشف عورة النظام العربي وضعفه، وهوان قادته على حكومة نيتنياهو، التي استمعت إلى تهديد الملك الأردني مثلا ولم تعرها اهتماما، وتعاملت مع المسجد بعنف وقسوة وكأنها لم تسمع شيئا؟! واستمعت إلى الموقف السعودي، وموقف الأزهر أيضا، ومرت عليهما مرور من لا يبالي بما يسمع. وهي من باب أولى لا تهمتم بكلمات السلطة الفلسطينية وموقفها، كما عبر عنه صائب عريقات. ما يجري في الأقصى مرغ شرف الأمة العربية والإسلامية في التراب، فليس للأمتين للأسف وزن عند نيتنياهو وحكومته، وأظنه من العار أن يطلب قادة عرب من أوباما الضغط على نيتنياهو لوقف عدوانه على الأقصى وإحراج الزعماء العرب.
والأمر الثاني - هو الربط بين عدوان إسرائيل على الأقصى والانقسام الفلسطيني، حيث جاء في كلمة عريقات أن الانقسام سبب رئيس لعدوان اسرائيل على الأقصى، وأن على حماس التراجع عن الانقسام حتى نتمكن من مواجهة العدوان على الأقصى.( هذا مهاترة؟!). وهنا نسأل ما علاقة تقسيم اسرائيل للمسجد الأقصى زمانيا ومكانيا بالانقسام الفلسطيني؟! وهل ستتخلى إسرائيل عن مشروع تهويد القدس وتقسيم الأقصى لو لم يكن هناك انقسام؟! إسرائيل ضمت القدس واتخذتها عاصمة في عام ١٩٦٩م ويومها لم تكن حماس موجودة؟! وحرقت المسجد الاقصى ولم يكن الانقسام موجودا؟! إسرائيل لها مشروع، وعندها خطط للمشروع، وهي تنفذ مشروعها من اليوم الأول لاحتلال القدس عام ١٩٦٧م.
الانقسام حالة فلسطينية تضعف التماسك الفلسطيني، والوحدة الفلسطينية حالة تقوي البنيان الفلسطيني، ولكن لا علاقة مباشرة لهاتين الحالتين فيما يجري في المسجد الأقصى، أما ما له علاقة مباشرة فيما يجري حقا في الاقصى هو التنسيق الأمني. ولو جرب عريقات وقف التنسيق الأمني ، لوجد الاقصى مددا لا ينقطع من المؤيدين والمرابطين من أهلنا في الضفة، لأنهم عند إذا سيكونون في مأمن من سكين التنسيق الأمني التي تطعنهم في ظهورهم.
حين يقف عباس وعريقات وقادة المنظمة وقفت رجل غيور على المسجد الاقصى ويعلنون أنهم يوقفون التنسيق الأمني، وأنهم يقفون مع المرابطين يدا بيد، وكتفا بكتف، سيضمنون حماس وغير حماس معهم، وعندها ستتحرك فلسطين كلها بحركة الأقصى، ومن ثم يتحرك العرب بحركة فلسطين والأقصى ، وغير هذا هو ( ضخ كلام يا عريقات).