د. يوسف رزقة
رحم الله الشهداء القادة( محمد ابو شمالة، ورائد العطار، ومحمد برهوم )، ورحم الله معهم كل شهداء الشعب الفلسطيني في هذه المعركة وغيرها من المعارك، وأسكنهم جميع فسيح جناته.
استشهاد القادة في فجر 21/8/1014 في ميدان القتال والشرف، هو وسام فخر و شرف لحركة المقاومة الاسلامية حماس، وغيرها من فصائل المقاومة، التي تسير على درب النصر أو الشهادة. إن الله جل في علاه اصطفى هؤلاء القادة في هذا التوقيت لحكمة هو يعلمها، وهو أرحم الراحمين. لقد استكملت أنفس القادة الثلاثة رزقها، وعمرها، وانتهى أجلها المقرر لها منذ الأزل، ومن ثمة وجب الصبر والاحتساب، وحمد الله وشكره، فقضاؤه دائماً هو الخير الذي ليس بعده خير.
نعم، نحن نحزن لفراقهم، ونتألم لبعدهم عنا، ولكنا نغبطهم أن الله اصطفاهم من بين قومهم بالشهادة الزكية في ميدان المعركة، وفي هذه بشارة خير لهم ولمن خلفهم أن الله سبحانه راض عنهم ،ولا نزكيهم على الله. هم تركوا جوارنا الى جوار أفضل وأكرم، إنه جوار الله ، فهنيئا لهم جوارهم ، والله أسأل أن يتقبل عملهم، وأن يتغمدهم برحمته.
إن قدر القادة في ميدان العمل العسكري كبير، فهم من أصحاب الخبرة والسابقة، وقد لعبوا دورا كبيرا في بناء كتائب القسام، وفي إعدادها إعداد علميا وأمنيا، لمواجهة أقوى قوة عسكرية وأمنية في الشرق الأوسط، وقد ضربوا المثل والنموذج في الشجاعة والقيادة في مواجهة قوات الاحتلال، وتكبيده خسائر مؤلمة، في معركة العصف المأكول، وما سبقها من معارك ، كان لهم شرف المشاركة في قيادتها فلسطينيا.
كان الشهداء ولا نزكيهم على الله مدرسة متكاملة من مدارس القسام وحماس. تفقد المدرسة الآن أشخاصهم بالرحمة التي أصبتهم بقدر الله، ولكن المدرسة لم تفقد المنهج، ولا الطريق، وسيحمل تلاميذهم ، وهم كثيرون، الراية والمنهج، ولن يتركوا الطريق، فإما نصر يعز الله فيه دينه وأولياءه، وإما شهادة تحي الأمة، وتغيظ العدو الظالم.
قلعة الجنوب ( رفح) ما زالت باقية شامخة، وهي تمتلئ بالقادة الذين يملكون القدرات الكافية لحمل الراية ومواصلة الطريق. وإن من عظمة القادة الثلاثة أنهم صنعوا ممن خلفهم قادة يبزونهم قوة وخبرة وشجاعة، وهذه هي دأب مدارس القسام وحماس، لا في رفح فحسب، بل في كل موقع تواجدت فيه حماس.
القيادة الحقيقية هي القيادة الولود، هي التي تورث التلاميذ والأجيال الخبرة والقدرة على القيادة. لقد كان أسامة بن زيد ابن ستة عشر ربيعا قائدا فذا لجيش فيه الفاروق عمر بن الخطاب، لأن مدرسة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، قامت على قاعدة توسيع القيادة، وبناء عناصرها في الشباب دون العشرين ربيعا.
لقد ورثت مدارس حماس والقسام مدرسة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الأولى، لذا لا خوف على رفح، ولا خوف على المقاومة فيها، فشهادة القادة ودماؤهم هي عادة وقود النصر والعزة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، رحم الله القادة، وجميع شهداء فلسطين وأسكنهم فسيح جناته.