د. يوسف رزقة
لست أدري ما الترجمة العملية لخيبة الأمل، حين نقول إن السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس تشعر بخيبة أمل من الخطاب الذي ألقاه أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ما الترجمة المتوقعة لخيبة الأمل؟! هل سيترجم عباس ذلك في قرارات حاسمة، أم أننا سنقف عند وصف المشاعر كعادة الزعماء العرب حين يخيب ظنهم في الإدارة الأميركية؟! .
كان أوباما قد تحدث في خطابه عن قضايا خارجية عديدة منها: ( الأزمة السورية وسبل حلها، و الاتفاق النووي الإيراني الذي اعتبر تحقيقه إنجازا، و الأزمة الأوكرانية، و محاربة الإرهاب وهزيمة تنظيم الدولة، والتعاون الدولي من أجل ذلك ...) وتجاهل متعمدا الحديث عن الملف الفلسطيني؟!
الأمر الذي جعل صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يعرب عن خيبة أمله من إهمال أوباما للموضوع الفلسطيني. وتساءل عريقات قائلا: "هل يعتقد الرئيس أوباما أن بإمكانه هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية والإرهاب، أو تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بتجاهله لاستمرار الاحتلال والاستيطان، والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على المسجد الأقصى؟".
ثمة أسباب عديدة يمكن الوقوف عليها لتفسير تجاهل أوباما للقضية الفلسطينية في خطابه، ومنها أنه لا يؤدّ الدخول في معركة جديدة مع نيتنياهو، واللوبي الصهيوني في أميركا، ومن ثمة التأثير سلبا على المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية التي تقف على الأبواب. أوباما يبحث عن مصالح حزبه الديمقراطي ويجعلها في مقدمة محددات خطابه، ومنها أنه يريد أن يرسل لعباس وغيره أنه لا فائدة من مواصلة أميركا لرعاية المفاوضات مع وجود نيتنياهو في الحكم. ومنها الإعراب عن ملل الإدارة الأميركية من الملف الفلسطيني، لذا قررت تجاهله، فهو لم يعد من أولويات عمل الإدارة الأميركية فيما تبقى لها من زمن في البيت الأبيض. والأهم من ذلك كله أن عباس الذي أسرف في مفاوضات عبثية، وحرق كل الأوراق الأخرى، وأسلم رقبته لحبال البيت الأبيض لا يملك أدنى ورقة للضغط على الإدارة الأميركية لكي تتحدث في الملف الفلسطيني، كما تحدثت في الملف السوري، وملف تنظيم الدولة، وملف إيران.
في الملفات الثلاثة : ( السورية، والإيرانية، وتنظيم الدولة) هناك أوراق ضاغطة على أوباما تمنعه من تجاهل واحدة منها، لذا ذكرها وقلبها وأبدى اهتمام إدارته فيها، ولا توجد مع عباس أوراق مماثلة؟! لذا على عريقات لوم نفسه ولوم عباس وسلطته قبل لوم أوباما. الدول الكبرى تحترم القوي والمشاغب، ولا تحترم الذليل الخانع، وأنتم بسياستكم الخرقاء فرضتم على الشعب الخنوع، وانتظار إدارة أوباما، بعد أن انتظرتم إدارة بوش الابن من قبل، وخرجتم منها بصفر كبير، ولم تتعلموا الدرس الواجب أن تتعلموه.
منذ قرابة (١٦) عاما وانتم تنتظرون الإدارة الأميركية لتطبيق حل الدولتين كما طرحه بوش الابن يوم احتل بغداد. ذهب بوش الجمهوري، وجاء أوباما الديمقراطي وانتظرتموه ثمان سنوات أخريات، وها هو سيرحل قريبا عن البيت الأبيض، وستنظرون خلفه، ولن يفيدكم الانتظار إلا خيبة وذلة. لذا فإن عمر (خيبة الأمل) عندكم يا سيد عريقات عقود من الزمن. نعم عقود بدأت مع إدارتكم الفاشلة لملفات القضية الفلسطينية على المستويين الداخلي والخارجي، وما زالت . فلوموا أنفسكم كما تلومون أوباما على الأقل، وترجموا خيبة أملكم ولومكم إلى قرارات مفيدة لترفعوا عن الشعب بعضا من الخنوع الذي فرضتموه بالقوة. .