د. يوسف رزقة
لا يختلف اثنان في أن السياسة التركية الخارجية تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه. ربما قيل إن الموقف التركي هذا قديم وتقليدي عملت به الحكومات السابقة. قد يتضمن هذا القول بعض الصحة، ولكن الحقيقة التي لا يجادل فيها أحد أن حزب العدالة والتنمية التركي بقيادة الرئيس أردوغان قد أحدث تطويرا إيجابيا في الموقف التركي في مقاربة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
لقد وقف أردوغان وحكومته وحزبه ضد إسرائيل في عدوانها المتكرر على غزة، ووقف ضد حصارها، ووصفه بأنه ليس شرعيا ولا قانونيا، بل هو عقاب جماعي، وطالب برفعه. وحين تضررت العلاقات التركية الإسرائيلي بسبب هجوم قوات الاحتلال على سفينة (مرمرة) وقتلت تسعة من الأتراك في المياه الدولية، جعل أردوغان رفع الحصار عن غزة واحدا من الشروط للمصالح مع حكومة نيتنياهو وإعادة العلاقات معها. تركيا في عهد أردوغان قدمت مساعدات إنسانية، وإغاثية، وصحية، وتعليمية، متنوعة للشعب الفلسطيني، وسكان غزة على وجه الخصوص، وقد وقفت إلى جانب محمود عباس في الأمم المتحدة في مشروع دولة (فلسطين مراقب) ، وكان دور الأتراك حيويا في هذه المسألة.
وكما وقفت تركيا مع محمود عباس سياسيا، وقفت أيضا مع حماس وخالد مشعل، ورفض أردوغان مواقف الدول التي وضعت حماس على قائمة الإرهاب، ونقل مواقف حماس السياسية لدول عديدة في العالم، وأكد على أنها حركة تحرر وطني ، تحظى بتأييد الشعب الفلسطيني، وعلى دول الغرب التواصل مع قادتها ومحاورتهم لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
علاقة تركيا بفلسطين عامة، وبغزة خاصة، علاقة راسخة، وإيجابية، وربما نجح أردوغان بجعلها واحدة من القضايا القومية التي تتفق عليها الأحزاب التركية، وقد ساعدت الدبلوماسية الفلسطينية، ودبلوماسية حماس، على تحقيق هذا الإنجاز، بالتقاء قيادة حماس بقادة الأحزاب التركية كلها. ومن ثمة تجد كل الأحزاب التركية تؤيد حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته وتقرير مصيره، ورفع الحصار عن غزة، ووقف العدوان الإسرائيلي .
أمس الخميس زار خالد مشعل أنقرة، والتقى الرئيس أردوغان لمدة ساعة، وتباحثا معا في قضايا متعددة، لم ترشح عنها تفصيلات مهمة حتى الآن، ولكن ما هو أهم من التفاصيل في نظري، هو اللقاء الثنائي في هذا التوقيت المهم، والذي جاء بعد لقاء مشعل بالملك سليمان ملك السعودية، و بعد اللقاء بوزير خارجية روسيا(لافروف ) في قطر، وقبل الزيارة المتوقعة لخالد مشعل إلى روسيا.
هذه اللقاءات مهمة للغاية في هذا التوقيت في ظل البيئة السياسية والأمنية في المنطقة العربية، وبالذات في سوريا والعراق واليمن وفلسطين. إن حديث أميركا عن تقسيم العراق( يقول الأميركان مؤخرا إنه الحل الوحيد؟!)، ويتحدث الغرب ومركزه البحثية عن إعادة تقسيم المنطقة. وتتحدث تركيا عن منطقة آمنة شمال سوريا، وعن إرهاب حزب العمال الكردي. وتتحدث السعودية عن تحالف سني، بالشراكة مع تركيا وغيرها، وتتحدث حماس عن لقاء بلير بمشعل بحثا عن تهدئة.
كل هذه الملفات تجعل لقاء مشعل بالقيادة التركية في هذا التوقيت في غاية الأهمية. نعم نحن في انتظار التفاصيل والنتائج العملية، ومع ذلك فإن تأخر ظهورالتفاصيل لا يحجب أهمية الزيارة في هذا التوقيت.