د. يوسف رزقة
بالأمس كتب القضاء الفصل الأخير من ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١م. مبارك ، والعدلي وزير داخليته أبرياء من قتل المصريين، براءة الذئب من دم يوسف عيه السلام؟! وهم أبرياء من تهم الفساد أيضا؟! لم يبق من ثورة يناير شيئا. ويمكنك القول إن الشعب أخطأ في يناير لأنه قام بثورة شعبية عارمة على حاكم صالح، زاهد، عابد، لا يعرف الفساد ولا الظلم. حاكم حكم البلد ثلاثين عاما بالحب والعدل والديمقراطية، وأسس للحكم الرشيد، وأدخل مصر عالم الدول الصناعية العظمى، وسبق الهند واليابان، وكان كنزا لمصر وللأمة.
كانت الثورة في ذلك التاريخ خطأ؟! وعلى من أخطا أن يتحمل تبعات خطئه؟! والعدل فوق الملك، وفوق الثورة، وفوق الشعب ، وقد تخطئ الأمة كلها، وقد تجمع على الخطأ، وقد ينفرد حاكم بالصواب. وهذا مبارك نموذج لهذه القاعدة. لذا يستحق من قادوا الثورة الخاطئة السجن، والإعدام ؟!
نعم كان في ثورة يناير قتلى وجرحى بالعشرات، وعلى هذا يجمع الشعب المصري، ولكنه يختلف على من قتلهم؟! فحين حكم القضاء المصري في عهد المجلس العسكري بالمؤبد على مبارك، كانت في أوراق القضية وملفاتها ما يدين مبارك ويقنع المحكمة بإصدار الحكم وهي مطمئنة إلى أنه يستحق ذلك؟! . واليوم في ٢٩ نوفمبر٢٠١٤م يحكم القضاء ببراءة مبارك من القتل والفساد، ويلغي حكم القضاء السابق لأنه ليس في الأوراق ما يدين الرجل، ولا يدين وزير داخليته ؟!
انتهى الأمر، ولا تعقيب على أحكام القضاء؟! هكذا يقول الإعلام في مصر؟! ولكن الشعب يسأل و أولياء يبكون أولادهم، ويسألون : من قتلهم ؟! الإجابة على السؤال محيّرة في أحسن الأحوال، وفي أسوئها فإن كبش الفداء جاهز ، إنهم الإخوان، وهل هناك في مصر وفي غيرها كبش فداء غيرهم ؟!
ومع ذلك يقولون في السياسة: ( مبارك ليس هو القضية . القضية هي ثورة يناير) . ثورة يناير كانت أجمل الثورات وأحلا الثورات ولكنها انتهت، إلى فشل كبير، وصفر أكبر، وياريت ظل القديم على قديمه. رجال ثورة يناير المجيدة في السجون ، وتنظرهم أحكام الإعدام والمؤبد، فقد أجرموا في حق الوطن، والشعب، والجيش، وفي حق النظام حين ثاروا على العدل والديمقراطية ؟!
إن إعادة الأمور إلى نصابها يقتضي أن يخرج مبارك ببراءة واجبة، مع الاعتذار له عما فعله الشعب في يناير ؟! هذا من ناحية، ويقتضي أن يدخل قادة الثورة في السجن ؟!
كان الشعب يتوقع حكم البراءة، كما يتوقع حكم الإدانة لمرسي. بل ثمة من يرجح إعدامه؟! وهؤلاء يفسرون انتشار الجيش والشرطة بأنه لم يكن بغرض التصدي لمظاهرات ٢٨ نوفمبر التي نفخها الإعلام المصري، وتعمد نفخها، بل كان انتشاره خطوة استباقية واحترازية للتصدي لردود الأفعال الغاضبة المحتملة على حكم البراءة، واحتواء الغاضبين من خلال القبضة الحديدية. انتهت ثورة يناير، والبقاء لله.