د. يوسف رزقة
أمير حسين عبد الله اللهيان مساعد وزير خارجية ايران للشئون العربية والإفريقية يحذر من سقوط نظام الرئيس الأسد، ( وأن سقوطه يهدد أمن إسرائيل؟! ).
لقد زاد هذا التصريح الأمور والمواقف غموضا والتباسا، فمن المفروض حسب التصريحات الإيرانية أنها تدعو الى زوال اسرائيل، وأنها تدعم كل عمل مقاوم ضد اسرائيل، ولكن تصريح اللهيان يأتي باتجاه معاكس، حيث يبدو فيه حريصا على استقرار أمن إسرائيل، ويفهم منه أن بقاء الأسد فيه ضمانة لأمن اسرائيل، وهذا يمنح تنظيم الدولة، وفصائل المقاومة السورية، فرصة للنيل من الموقف الإيراني المعلن ضد اسرائيل.
من المعلوم أن نظام الأسد امتنع عن مواجهة اسرائيل منذ عام ١٩٧٣، وتسجل مراكز الأبحاث والمراقبة، أن نظام الأسد لم يسمح بإطلاق رصاصة واحدة من سوريا ضد اسرائيل من ذلك التاريخ، على الرغم من احتضانه لحماس وفصائل مقاومة أخرى. تصريح اللهيان ربما يذكر الأطراف الدولية بهذه الحقيقة بغض النظر عن مبررات النظام السوري. فهل ثمة فهم آخر لهذا التصريح الذي زاد المواقف التباسا، وخلط الأوراق خلطا قويا في خلاط المصالح، وبدل الأولويات.
ربما يصح للمرء أن يستنتج من هذا التصريح تشخيصا يصب في صالح تنظيم الدولة الإسلامية، باعتبار أن الأطراف المعادية للتنظيم والداخلة في التحالف تعمل ضد التنظيم لأنه خطر على اسرائيل، ولا تعمل ضده لأنه خطر على النظام السوري، وهنا يحصل لقاء بين رؤية التحالف في خدمة اسرائيل، وبين ما ورد في تصريح اللهيان.
تنظيم الدولة يعمل ضد ايران، وضد السعودية، وضد العراق، وضد سوريا. وإسرائيل هي الدولة الأكثر حضورا في المعارك الدائرة، ولكن بآليات عمل خفية وسرية، والمفترض أنها العدو الأول لكل هؤلاء، ولكن يبدو أن الأمور لا تلتزم بالمفترض والواجب؟! اسرائيل هي الدولة الأكثر استفادة مما يجري الآن من الصراع في المنطقة، وفي معركتها الأخيرة ضد غزة زعمت أن صورة النصر الرئيسة التي حققتها في غزة ، تكمن في صورة التحالف غير المعلن بينها وبين دول عربية مؤثرة، تقف في الصف المعادي لحماس، وللإسلام السياسي خارج فلسطين أيضا.
المشهد العام في العراق وسوريا مثير للحيرة، لأنه يمتنع على الفهم المستقيم، والموقف العربي والدولي يبعث على القلق والحيرة أيضا، فبينما تتحدث تصريحات أميركية عن ضرورة هزيمة تنظيم الدولة، يتحدث ( ماكين ) السيناتور البارز عن انتصار مؤكد للتنظيم، وبينما تدافع طائرات التحالف عن كوباني وهي منطقة سورية يسكنها الأكراد، نجدها لا تدافع ولا تساعد غيرهم، وترفض مطالب تركيا في منطقة آمنة. وبينما ترفض تسليح المعارضة السورية تطلب من تركيا تسليح المعارضة الكردية.
إن المشهد يستعصي حقاً على الفهم الناضج ، ولكن ما لا يستعصي على الفهم، هو أن المشهد كله يعمل لصالح اسرائيل وأمنها بالدرجة الأولى، ويعمل ضد الدول العربية ومصالحها في المنطقة، وإن غدا لناظره قريب، وعنده لا جدوى من عض أصابع الندم.