بقلم: د. يوسف رزقة
بينما يحتفل المواطنون في بلادنا فلسطين، وفي غيرها من البلاد العربية والإسلامية أمس بما يسمى عيد الأم، كانت ( إسرائيل) تحتفل بيهود اليمن، بعد أن تمكنت بمساعدة أميركية إخراج (١٩) من اليهود اليمنيين من اليمن ونقلهم للعيش في بلادنا فلسطين المحتلة؟! .
دولة العدو قدمت نموذجا للأم القوية التي تفكر في اليهود أينما كانوا، وتضع نفسها في موضع المسيولية عن كل حيثما كان، ومسئولة بشكل مباشر عن حماية حقوقهم وأنفسهم من كل خطر محتمل.، حتى وإن كانوا يحملون جنسية دول أخرى عربية كاليمن، أو غير عربية كأثيوبيا مثلا. بينما يحرق البوذيون المسلمين في بورما، ويحرق النصارى والوثنيين المسلمين في أفريقية الوسطى، ولا يجدون حماية لهم لا من أم ولا أب؟!
دولة العدو تمدّ مظلة قوتها لكل يهود العالم على اساس الدين . دولة العدو بعملها هذا تعلن أنها تقدم رابطة الدين،( وهنا اليهودية) على الجنسية، والسمة الوطنية، ولا تسمح لأحد في العالم ان ينتقد مواقفها، أو أن يتهمها بالتعصب والإرهاب ، بينما لا يستطيع أيا من الأنظمة العربية والإسلامية القيام بعمل مماثل، بتقديم الإسلامية على غيرها من الروابط، أو أن يعلن أنه يفرد مظلة حمايته لكل مسلم حيثما كان. إن كل من يقدّم الإسلامية على الجنسية الوطنية مثلا، يعد في نظر العالم المنافق إرهابيا ومتعصبا، ويمثل خطرا على السلم العالمي.
إنك إذا نظرت في خبر نقل يهود اليمن مؤخرا إلى فلسطين المحتلة، تجد أن وزارة الخارجية الاميركية نفسها قد أسهمت بشكل مباشر في مساعدة تل أبيب على القيام بهذه المهمة السرية لتوفير ظروف النجاح لها، وأنها تمت بمساعدة بلد ثالث كان وسيطا لإخفاء العملية وإنجاحها، وربما كان هذا البلد بلدا عربيا لذا جرى التكتم على اسمه في الخبر الإعلامي.
حين تمتد مظلة دولة العدو قوية هذا الأمتداد، وحين تساعدها دولة كبرى تصف نفسها بأنها علمانية، وحين تساعده دولة ثالثة من المنطقة، فإن هذا يعني أن ( إسرائيل) حققت حالة من العلو لم يبلغها اليهود يوما في التاريخ البشري أبدا. وأن العرب والمسلمين تراجعوا ألى الخلف تراجعا لم يكن قائما في التاريخ أبدا حتى في عهد سيطرة التتار على بغداد، وسيطرة الصليبين على القدس.
حين أتحدث في هذا الموضوع لا أنظر في العدد(١٩) قلة وكثرة ، ولا يجدر بالمتلقي العربي والمسلم أن ينظر نظرة عددية، بل يجدر بنا جميعا أن ننظر في الفكرة والمبدا، لنقف جميعا على المفارقة الحارقة بيننا وبينهم، وعلى عنصرية القيم في ظل السيطرة الأميركية والغربية . إن عامل القوة والاقتداء هو فوق كل اعتبارات أخرى، ويجدر بنا أن نحترم القوة.
دولة العدو قتلت المبحوح في دبي، وقتلت النايف في بلغاريا، وقتلت عشرات آخرين في دول اخرى ولم يجرؤ العالم على وصف عملها بالإرهاب، ولم يعقد مجلس الأمن جلسة واحدة لمدارسة أعمال الاغتيال التي تقوم بها دولة العدو في بلاد العالم الأخرى. بينما تبادر الدول الغربية واميركا إلى توظيف قدراتها ومنبر مجلس الأمن لتجريم مسلم وعربي دافع عن نفسه وعن عرضه. وكان آخر هذا التجريم الفاضح للعنصرية ما فعله جون بادين نائب الرئيس الأميركي في زيارته الأخيرة لتل أبيب ورام الله ً حيث وصف أعمال الانتفاضة الأخيرة بالإرهاب، قائلا : الإرهاب هو الإرهاب، ولا يجوز للسلطة الصمت؟!