د. يوسف رزقة
ما يجري في العالم الآن هو حرب على الإسلام. لا يمكن الفصل بين الحرب على المسلمين والحرب على الإسلام، فالإسلام يحمله المسلمون ، وليس أرفف المكتبات. أبو حسين أوباما لديه إدراك قلبي وعلمي لهذه المفاهيم، لذا بادر بنفي استهداف الإسلام. ولكن جُل من يراقب معارك أميركا خارج حدودها يجدها في بلاد المسلمين، وضدهم، لذا كلهم يجمع على أن حرب أميركا في افغانستان ، والعراق، وفـلسطين من خلال إسرائيل، وغيرها هي حرب على الإسلام نفسه ، ولا يقبل بنفي أوباما هذا إلا مغفل، أو صاحب صيد.
حين ذبح البوذيون المسلمين وأحرقوهم في بورما، والمشاهد التي تحكي القصة ما تزال طازجة على صفحات الإنترنت، لم تتحرك أميركا ضد من ارتكبوا هذه الجرائم. وحين أحرق النصارى المسلمين في أفريقيا الوسطى، وذبحوهم ذبح الخراف بحماية فرنسية، لم تتحرك أميركا ضد جرائم القتل والحرق والذبح في أفريقيا الوسطى، وحين قتلت إسرائيل أطفال غزة، وأحرقتهم بالقنابل الأميركية، وتجاوز القتل حاجز الألفين، والعشرة آلاف جريح في واحد وخمسين يوما لم تتحرك أميركا ضد جرائم إسرائيل، بل زادت الطين بلة وقالت الاحتلال يدافع عن نفسه؟! وحين قتل المستوطنون الطفل محمد أبو خضير حرقا وهو حيّ لم تضع أميركا جماعة المستوطنين على قائمة الإرهاب؟!
في هذه المواقع المذكورة لم تتحرك أميركا لا سياسيا ولا عسكريا لوقف قتل المسلمين أو ذبحهم أو حرقهم، وبالتبعية لم يتحرك لهذه المهمة أدنى تحالف دولي، وبالتبعية لم تتحرك أيضا الدول العربية والإسلامية أعضاء التحالف الجديد لمنع الجرائم ضد المسلمين في المواقع المذكورة، لا سياسيا، ولا عسكريا، وتوقفوا عند الشجب الإعلامي.
طبعا ثمة إدراك جمعي بين الشعوب العربية أن أميركا تستهدف الإسلام، أو قل الإسلام ممثلا في الصحوة الاسلامية، التي وصفها الملك حسين مرة بأنها تتقدم نحو الإسلام. هذا الإدراك الجمعي يرى أن المقصود بالقتل والحرب ليس داعش، أو ما يسمى تنظيم دولة الإسلام، بل الإسلام نفسه، ومن يتقدم من المسلمين نحو الإسلام منهجا وحكْما.
إن وجود قادة أنظمة لشعوب عربية وإسلامية في هذا التحالف لا ينفي الإدراك الجمعي، ولا ينفي التهمة التي توجهها شعوب البلاد الإسلامية لأميركا، لأن قادة من النظام العربي في هذا التحالف متهمون من شعوبهم بالتهمة نفسها.
في الإدراك الجمعي الشعبي الممتد في القارات أرقام وإحصاءات تتحدث عن أرقام مهولة لمن قتلتهم إسرائيل ،وأميركا، وفرنسا، وبريطانيا، ممن قتلوا في فلسطين، وأفغانستان والعراق، ولبنان، واليمن، والسودان، ومالي، وأفريقيا الوسطى، وبورما، وباكستان، ولكن إعلام التحالف يسكت هنا، ويبرز فقط ذبح أمريكيين، وبريطاني، ثم يتذرع بتهمة إرهاب فضفاضة. إنه بالقياس الرقمي الإحصائي فإن ما ينسب بداعش لا يبلغ نصف في المائة من جرائم إسرائيل في غزة، فقط في الحرب الأخيرة ؟! وشواهد ما نقول قائمة في الميدان، وفي الصور، ومواقع الإنترنت، وتقارير منظمات حقوق الإنسان.
لقد امتدت الحروب الصليبية عقودا، وعقودا، وانتهت الى الفشل لأنها ظالمة. وإن تجديدها تحت مسمى مقاتلة الإرهاب قد يمتد في الزمن عقودا، ولكن مصيرها إلى الفشل، لأن عاقبة الظلم والبغي إلى بوار وفشل.
إن وجود محلل، أو تيس مستعار، لا يجعل الزواج الحرام حلالا. الحلال ما أحله الله، لا ما يحله التيس المستعار، لمصالح دنيوية تخصه.
قد يكون عند بعض التنظيمات الإسلامية أخطاء في الفكر، أو السلوك، أو فهم العلاقات الدولية، -كغيرهم من الناس-، ولكن ما وزن هذه الأخطاء، أو التهديدات، أمام احتلال روسيا القرم مثلا؟! أو احتلال إسرائيل لفلسطين، وتدميرها لغزة في الحرب الأخيرة؟! إنه وبعبارة أخرى كيف يكون ما يجري في العراق خطرا، وما يجري في فلسطين والقرم، وبورما، وأفريقيا الوسطى ليس خطرا؟! لماذا لا تنشأ التحالفات العسكرية إلا لقتل المسلمين؟! هل لأنهم ضعفاء بينما روسيا قوية؟! كيف يفعلون هذا، ثم بعد ذلك يزعمون أن الإسلام ليس مستهدفا؟! دعوا المسلمين يعالجون تشدد بعض تنظيماتهم بطريقتهم، من خلال الفكر والسياسة، كما تعالجون أنتم تطرف النصارى، واليهود بالفكر والسياسة. هذا هو المنطق وغيره عدوان على الإسلام والمسلمين معا