بقلم :د. يوسف رزقة
لا يختلف اثنان أن البلاد العربية والأمة العربية تعيش في أزمة، أو قل تعيش في مجموعة من الأزمات، ومنها الأزمة في العراق وفي سوريا وفي ليبيا وفي اليمن، وآخرها أزمة الخليج . إن أزمة المملكة والإمارات والبحرين ومصر مع قطر لها تداعيات واسعة النطاق وبعيدة التأثير على وحدة الأمة العربية، وعلى مؤسسة الجامعة العربية، التي ما تزال صامتة حتى الآن.
إن من التداعيات البارزة ما يمكن تسميته باستفراد العدو الصهيوني بالمسجد الأقصى، فقد أمن العدو إلى ضعف ردود الأفعال العربية والإسلامية قبل وضع البوابات الإلكترونية على أبواب المسجد الأقصى مدعيا أن هناك مبررات أمنية لوضعها، بينما لهذه البوابات أهداف سياسية واحتلالية بعيدة المدى، منها السيطرة والتحكم بالأقصى وبالأعداد التي يسمح لها بدخوله والصلاة فيه.
لقد تجرأ العدو فيما فعله حين أمن إلى أنه لا ردود عربية وإسلامية كبيرة، وحين أمن لرد المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وحين اطمأن أن التمزق العربي لن يستدعي جامعة الدول العربية للانعقاد، وكذا لن يستدعي منظمة التعاون الإسلامي أيضا للانعقاد لدراسة الخطوات اللازمة للرد على عدوان الاحتلال على المسجد الأقصى وعلى التنكيل بالمعتصمين على بواباته رفضا للبوابات الإلكترونية.
إن الهبة الجماهيرية الفلسطينية ضد المساس بقدسية المسجد الأقصى كانت قوية وشاملة، ودافعت عن المسجد بأجسادها وحناجرها ورفضها الخضوع لسياسة الأمر الواقع التي يفرضها الاحتلال، ومن الجميل أن وحّد الأقصى بين حماس وفتح، ورحبت القوى الوطنية والإسلامية بتجميد الرئيس عباس الاتصالات مع المسؤولين الإسرائيليين إلى حين إزالة البوابات الإلكترونية التي تمس بالسيادة العربية على المسجد الأقصى، وتستهدف أمورا غير أمنية، حيث يمكن معالجة الأمور الأمنية بغير البوابات الإلكترونية.
ما أود قوله للقادة العرب وللجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي: إن الصلاة أيها السادة لا تقام في داخل المسجد الأقصى؟!!!، والمعتصمون يصلون عند البوابات الخارجية، بينما تعاقبهم شرطة الاحتلال بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية وكذلك بالمياه العادمة النجسة، وبعض هذا كاف لكي تعقد الجامعة العربية اجتماعا طارئا، والخروج بكلمة موحدة ضد أعمال العدو في المسجد الأقصى فلعل وعسى.
إن الأزمة التي تفجرت في الخليج مع قطر لم تسمح لقادة الدول العربية بالالتقاء معا في الجامعة أو في منظمة التعاون الإسلامي للخروج بموقف يشجب إجراءات العدو في المسجد الأقصى، ولكن هم الأقصى أنسى فتح وحماس خلافاتهما ووحد موقفهما من الأقصى، ونأمل أن يتحول درس الأقصى إلى مصالحة حقيقية بين الفلسطينيين، وأن يوقف الرئيس إجراءاته الأخيرة ضد غزة، كبادرة لاستعادة الحوار مع حماس والفصائل.