بقلم : د. يوسف رزقة
من البدهي أن اليهود في فلسطين المحتلة لا يريدون فيها عربيا واحدا، ودعوتهم ليهودية الدولة تنطلق من هذه الإرادة القديمة المتجددة. إنه وفي سبيل تحقيق هذا الهدف والتحريض عليه فإنهم ينظرون إلى السكان العرب على أنهم متهمون. إن كل عملية إجرام أو قتل يسارعون لإلصاقها بالمواطن العربي، لذا انتشرت كراهية المواطن العربي في الأجيال المتعاقبة، وربما وصلت إلى الذروة مؤخرا حين اندلعت الحرائق في غابات وأحراج الكرمل وغيرها.
في الدول الأخرى ينظرون إلى الحرائق الكبيرة على أنها كوارث طبيعية، ويتعاملون معها سياسيا وإعلاميا من هذا المنطلق، بينما لا تنظر دولة العدو الصهيوني للحرائق من هذه الزاوية الطبيعية، والتي يمكن أن يكون سببها عقب سيجارة، أو بقية قبس من مدخنين أرجيلة كانوا في رحلة خلوية. زاوية النظر في دولة العدو عادة تبدأ سياسية قومية قبل أن تقول التحقيقات قولها في المسألة.
هذه السياسة تتبعها الدولة بتعمد رغم علمها بكل الاحتمالات التي تفسر الحرائق الضخمة، ولكنها تبادر لاتهام العرب لأن لها هدفا سياسيا وقوميا آخر، هو بث الكراهية ضد السكان العرب، ودفعهم إلى الهجرة، أو دفعهم للتوقف عن طلب الحقوق والمساوة. زاوية النظر اليهودية زاوية عنصرية مائة في المائة.
إنك إذا تأملت تصريحات قادة العدو وجدت أن نيتنياهو يتوعد مشعلي الحرائق بالويل والثبور، بينما يطالب ليبرمان الرد عليهم بمزيد من الاستيطان والبناء في المستوطنات، ويتحدث أردان عن هدم بيوت العرب من مشعلي الحرائق، ويطالب قيادي آخر بسحب المواطنة منهم، رغم أن قانونهم يمنع ذلك.
هذه هي الصورة التي يعيشها السكان العرب في فلسطين المحتلة، عشرات العقود من الزمن وهم يطالبون بالمساوة، ووقف التحريض العنصري، دون أن يحصلوا على أدنى ما يطلبونه. هم يستنكرون الحرائق المتعمدة ويجرمون فاعلها، ولكن حين تكون هناك أدلة كافية للإدانة، ولكنهم ينظرون إلى ما وقع من زاوية الكوارث الطبيعية التي تنظر منها الدول المتحضرة.
هذه الصورة التي يعيشونها تحت ظل حملة متصاعدة من بث الكراهية والخوف بين السكان العرب، بسبب الحرائق وغيرها، بينما لم تثبت بعد إدانة واحدة لأي من السكان العرب. المواطن العربي يطالب السلطات بوقف عملية بث الكراهية والتحريض ضدهم، بينما نجد نيتنياهو وقادة الأحزاب اليمينية هم من يقودون هذه الحملة الظالمة.
لماذا لا تنتظر هذه القيادات الظالمة نتائج التحقيقات؟! لماذا تسارع إلى اتهام المواطن العربي بذلك، بينما قامت الأردن ومصر والسلطة بالمساعدة غير الواجبة في إطفاء الحرائق. إن نظرية تهجير السكان العرب من خلال عدم المساوة، وبث الكراهية ضدهم، وإخافتهم بأنهم متهمون دائما هي الاستراتيجية التي تقود هذه الدولة التي تدعي أنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط.