بقلم د. يوسف رزقة
المهندس محمد الزواري رحمه الله مواطن ومجاهد تونسي. إنه مسلم على علاقة طيبة بالقدس المحتلة. هو ليس يهوديا ولا نصرانيا ولا يساريا ولا ليبراليا، لذا مرّ حدث اغتياله عالميا مرور الكرام. لو كان الزواري يهوديا أو نصرانيا لا سمح الله لقامت الدنيا ولم تقعد من أجل التنديد بعملية الاغتيال، وبجهة الاغتيال، ولأسرع الإعلام الغربي لاتهام القتلة بالإرهاب، ولطالب الدول بالتعاون من أجل كشف مرتكبي الجريمة وتقديمهم للمحاكمة، ولسارعت الدولة التونسية للتجاوب مع الحملة الصهيونية النصرانية ولتحدثت كثيرا عن الإرهاب وعن اتخاذ الإجراءات اللازمة لكشف الحقيقة؟! .
لا شيء من هذه حدث؟!، لا من أميركا والغرب، ولا من تونس ولا من غيرها، فالقائمين على الاغتيال هم على الأرجح رجال الموساد الصهيوني، الجهاز الذي يؤمن بعقيدة الاغتيال، والذي يمارس عمله في الخارج بحرية فيما يبدو. نعم الموساد يستبيح العمل في العديد من العواصم العربية ومنها تونس والإمارات المتحدة، وكدرستان ، دون خشية من ردود فعل هذه الدول .
لماذا لا يغطى حدث اغتيال الزواري على أنه عملية إرهابية، تقف وراءها دولة (إسرائيل )الأرهابية؟! لماذا غطي الحدث في الإعلام الغربي والأميركي على أنه حدث اغتيال، وأن القتلة مجهولون؟!، بينما جلّ مؤشرات الاغتيال تشير بصدقية إلى الموساد الصهيوني؟!
لماذا لا يغطي الإعلام العربي من المحيط إلى الخليج عميلة اغتيال الزواري على أنها عملية إرهاب كبرى تقوم عليها دولة تنشر الإرهاب في العالم؟! لماذا يبقى الإرهاب في العالم ملصقا بالمسلمين بينما تدل الإحصاءات أن الموساد الإسرائيلي هو سيد الإرهاب والاغتيالات في المنطقة العربية؟!.
لماذا لا يستدعي اغتيال محمد الزواري، اغتيال خليل الوزير في تونس بيد الموساد؟! ولماذا لا يستدعي اغتيال محمود المبحوح في الإمارت على يد الموساد أيضا؟! لماذا تتحرج الأنظمة العربية من إلصاق الإرهاب (بإسرائيل)، بينما تسارع إلى إلصاقها بالإخوان وغيرهم بينما الإخوان لم يقتلوا أحدا ولم يغتالون أحدا؟!
ماذا ستكون ردة فعل العالم الغربي والعربي لو تخيلنا جدلا أن مجموعة من المقاومة الفلسطينية هي من قامت باغتيال عالم صهيوني في صناعة طائرات بدون طيار؟! علينا أن نفكر جيدا في هذا كله، وعلينا أن نلوم أنفسنا وضعفنا، قبل أن نلوم عدونا، الذي يرى في الاغتيال عملا جيدا يخدم مصالحه.
إن اغتيال محمد الزواري المهندس الطيار يكشف أن تونس تقف بدون غطاء أمني يحمي أبناءها، تماما كما كشفت عملية اغتيال المبحوح عورة أمن الإمارات المتحدة . إن عواصم عربية أخرى ليست بعيدة عن يد وقبضة الموساد الذي يعمل بوضوح في بغداد وبيروت وكردستان وليبيا والمغرب. أن إرهاب الموساد هو أرهاب دولة ولا ينبغي أن يحظى إرهاب الدولة بتقبل من الضعفاء في العالم العربي، وعلى تونس أن تتوجه بالحقائق التي تمتلكها إلى الأمم المتحدة، وأن تحظر دخول اليهود إلى تونس كخطوة أولى في حماية المواطن التونسي.