بقلم : د. يوسف رزقة
ليس في الغرب أخلاق. في الغرب مصالح. في الغرب تجارة، يبيع فيها الأخ أخاه. هم يتظاهرون بالأخلاق والقيم العليا. مجرد تظاهر فقط. الحقائق العملية تفضحهم عادة. قد تأتي الحقائق متأخرة، ولكنها تفضحهم رغم التأخير.
ولنضرب لذلك مثلا الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي يتلقى خمسة ملايين يورو من الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي لتمويل حملته الانتخابية. المال حمله في الشنطة إليه ( زياد تقي الدين) لبناني الأصل، وهو رجل معروف في أوساط المال والأعمال في باريس.
إن صحت هذه المعلومة وهي على الأغلب صحيحة، بحكم علاقة الرجلين قبل الثورة على القذافي، فأين الأخلاق؟! وأين القيم العليا؟! التي تتحدث عنها فرنسا وغيرها من دول الغرب وأميركا.
الرشوة في قمة الهرم السياسي والحزبي تمارس في الخفاء بعيدا عن الشعب وعن القضاء، ثم يأت يوم يفضح العارفون ببواطن الأمور الراشي والمرتشي، لا لعودة الأخلاق لهم، بل لاختلاف لاحق في المصالح.
هذا هو الغرب الذي يزعم الأخلاق والقيم والشفافية، بينما هو في الخفاء بلا أخلاق ولا قيم عليا البته، وما يقال عن سركوزي قيل من قبل عن توني بلير في علاقته مع القذافي أيضا، على الرغم من أن الرجل ضلل مجلس العموم البريطاني حين أكد أن العراق في عهد صدام يمتلك أسلحة دمار شامل، وهو أمر اكتشف مجلس العموم لاحقا أنه محض كذب وافتراء.
في أميركا زعم الديمقراطيون والجمهوريون أنهم ضد الاستيطان، ويؤيدون حلّ الدولتين والمفاوضات المباشرة، وقالوا في هذه المعاني كلاما كثيرا، و كثيرا جدا، وثبت أنهم يخادعون القيادة الفلسطينية، حتى جاء دونالد ترامب الذي أعلن أن من حق إسرائيل الاستيطان حيثما تريد؟!
إن من يبحث في مسألة الأخلاق والقيم العليا في أوربا، وبالذات عند السياسيين، يصاب بالجنون، أو الذهول، لأنه لا أخلاق ولا مبادئ ولا قيم عليا، وبالذات حين التعامل مع قضايا العرب والعالم الإسلامي، وخذ مثلا حديثا أيضا القضية السورية، وما يجري فيها من جرائم ضد الإنسانية، وقتل، وتهجير، وتدمير وقتل للأطفال، بينما أوربا لا يهمها من المسألة السورية غير المهاجرين، وتداعيات الهجرة بسبب القتال ؟!
المهم إنك إذا ما واجهت ساركوزي، أو بلير، أو أوباما، أو غيرهم، أو المجتمع الغربي بشكل عام لا تجد في النهاية جدوى من هذه المواجهة، تماما كما واجه الإعلام دونالد ترامب بتحرشاته الجنسية، وعنصريته، ومع ذلك فاز في الانتخابات، وسيدخل البيت الأبيض رئيسا يحمل الرقم (٤٥) بين الرؤساء.
الغريب في الأمر من وجهة نظري أن هؤلاء الرؤساء المسكونين بالفساد الخفي، وهذه المجتمعات المسكونة بكل أنواع الفساد، هم المنتصرون على العالم العربي والإسلامي، ونحن الذين نستجدي تدخلهم لإنقاذ بلادنا من الحروب الداخلية؟! كالمستجير من الرمضاء بالنار؟!