بقلم :د. يوسف رزقة
من ثوابت القضية الفلسطينية الرئيسة حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، وتعويضهم، ولهذا الحق دفاع قانوني وفلسفي عميق، وهو حق فردي غير قابل للتصرف مهما تقادم العهد، غير أن السلطة في مفاوضاتها قاربت هذا الحق من خلال عبارة غامضة تقول:( حلّ متفق عليه؟!). وهو يعني أنه ثمة إمكانية عند المفاوض الفلسطيني أن يتصرف بالتنازل عن هذا الحق أو الجزء الأكبر منه كما يفهم من عبارة حل متفق عليه في المفاوضات مع الطرف الآخر إذا ما نجحت فكرة حل الدولتين
ومن الثوابت الفلسطينية التي تشهد أيضا تنازلات بعبارات غامضة ما يتعلق بفكرة حدود ١٩٦٧م حدودا للدولة الفلسطينية، حيث تنسب بعض المصادر الإعلامية للرئيس محمود عباس أنه يقبل بفكرة تبادل الأراضي في مشروع حل الدولتين، فقد قال ( يجب أن يكون تبادل الأراضي بنسب طفيفة ومتساوية بالقيمة والمثل" تقول بعض المصادر الإعلامية ومنها دنيا الوطن : هذا التصريح، يعتبر الأول الذي يُبدي فيه الرئيس موقفه من تبادل الأراضي، لاسيما وأن (إسرائيل) تضع في خططها ضم مستوطنات كاملة للدولة ، في حال تم تنفيذ حل الدولتين؟!
إن فكرة تبادل الأراضي تستدعي بالضرورة فكرة التبادل السكاني، كما أن فكرة ( حل متفق عليه) تستدعي فكرة التوطين. إن فكرة تبادل الأراضي فكرة مرفوضة من الشعب الفلسطيني، تماما كما أن فكرة التوطين وتوابعها فكرة مرفوضة، ومن هنا ترفض الفصائل الفلسطينية دعوات العودة للمفاوضات، لأن الظروف القائمة تخدم رؤية( إسرائيل ) ولا تخدم الرؤية الوطنية الفلسطينية.
إن التصريح الفلسطيني المجاني حول الاستعداد لإجراء تبادل أراضٍ وإن بنسب طفيفة وبالقيمة والمثل، لن يحيي فكرة حل الدولتين التي ماتت مع وجود ترامب في البيت الأبيض، ولأن الطرف الإسرائيلي لم يبد أية موافقة على مشروع قيام دولة فلسطينية؟!
إن الانهيار العربي، والتمزق العربي جاء ليساعد حكومة الاحتلال على هذا الرفض، وعلى طرح مشروع الحل الإقليمي الذي تلعب فيه دول عربية محددة دورا أساسيا، لذا فإن تصريح محمود عباس حول إمكانية تبادل الأراضي جاء في توقيت غير مناسب، إضافة إلى أنه لا يملك فيه تفويضا شعبيا أو فصائليا، وكان الأجدر به التمسك بحدود ١٩٦٧م لأنه ثمة توافق فلسطيني ما على قبول دولة فلسطينية على قاعدة هذه الحدود، وإذا كانت البيئة السياسية سيئة وغير مناسبة للتمسك الدقيق بحدود ٦٧ فإن القبول بفكرة تبادل الأراضي أسوأ ولا يجوز التعاطي مع الفكرة الأسوأ ، ويجدر العمل لخلق بيئة أفضل تعمل لصالح الرؤية الفلسطينية في حدها الأدنى.