بقلم :د. يوسف رزقة
إنها صورة مصغرة لما يجري مع الفلسطينيين في كل يوم، وعند أدنى اشتباه. أعني بالصورة المصغرة هنا هو قتل ضابط حارس السفارة الإسرئيلية للأردنيين، وادعاء أن أحدهما تهجم عليه. المسألة ليست تهجمًا أو غيره، ولكن يد الإسرائيلي على الزناد في داخل الأراضي المحتلة، وكذا في السفارة في عمان، إنها ثقافة القتل، ثم القتل بلا تردد، هذه الثقافة هي التي حملت الحارس في السفارة على قتل الأردنيين بهذه السهولة. إنها بلطجة القوة الغاشمة وثقافة الخوف من العربي التي تجعل استخدام الرصاص سهلًا، وبغض النظر عن النتائج.
ربما توقع الأهل في الأردن أن تقوم الحكومة باعتقال القاتل والتحقيق معه، دفاعًا عن الدم الأردني، ولكن أعلنت المصادر العبرية أن جميع موظفي السفارة عادوا إلى تل أبيب بمن فيهم ضابط الأمن الذي أطلق النار وقتل المواطنين الأردنيين رحمهما الله، وأن نتنياهو اتصل بالعائدين وهنأهم بالعودة السالمة، ما يعني أن اتصالات نتنياهو بالملك الأردني قد أثمرت هذه العودة، واستطاعت أن تخفف من حجم المشكلة، ودون أن تحدث قطيعة دبلوماسية بين البلدين.
لسنا على علم بمحتوى ما تم الاتفاق عليه بين الجهات الرسمية من الطرفين، غير أن الحدث له تداعيات شعبية ترفض أن يقتل الأردني في بلده بهذه الطريقة التي لا تبالي بحرمة الدم وتداعيات القتل، وأثرها على الشعب الأردني. إن ثقافة استخدام الرصاص ضد العرب عند أدنى شبه أو ظن بأن هناك خطرا ما يمثله هذا العربي.
في (إسرائيل) ثقافتان: ثقافة للتعامل مع العربي، وثقافة أخرى مسكونة بالقانون لتعامل الإسرائيلي مع الإسرائيلي، لذا استسهل ضابط السفارة عملية القتل دون وجود خطر حقيقي يهدده، من عامل النجارة، لذا قلنا إن ما جرى مع الأردنيين هو صورة مصغرة لما يجري مع الفلسطينيين في كل يوم.
لو كانت العملية معكوسة، أعني لو كان القاتل أردنيًا والقتيلان من (إسرائيل)، لما غادر القاتل السجن. ومع ذلك نقول لا ندري ما الذي جرى خلف الكواليس، وفي الاتصالات الهاتفية! وما دور إدارة الرئيس الأميركي في الحل الذي جرى، وأنهى المشكلة دبلوماسيًا في وقت قصير!