بقلم :د. يوسف رزقة
حين أحرق المسجد الأقصى ومنبر صلاح الدين على يد متطرف يهودي، قالت حكومة إسرائيل إنه حدث فردي، وأن الفاعل مختل عقليًا، ثم تنفست الصعداء في اليوم التالي لعملية الإحراق لأن ردة الفعل العربية والإسلامية كانت باهتة، ولم ترُق إلى مستوى جريمة إحراق مسجد هو أحد المساجد التي يشد إليها الرحال.
في يوم الجمعة ١٤/٧/٢٠١٧م كان حدث قتل الشرطيين على بوابة المسجد حدثا فرديا قام به أبناء من عائلة جبارين من داخل الخط الأخضر، وهم يحملون الهوية الإسرائيلية، ودوافع القتل في هذا المكان المقدس ما تزال غامضة، لأن ثلاثتهم تم قتلهم وتصفيتهم في المكان، ولا يوجد ما يفك لغز العملية وأسبابها ودوافعها.
حكومة نتنياهو قررت فيما يبدو استثمار هذه العملية الفدائية، للبدء في تنفيذ مخططاتها المبيتة ضد المسجد الأقصى، فمنعت صلاة الجمعة في المسجد، ومنعت موظف الأوقاف من رفع الأذان، وهو عمل تقوم به لأول مرة منذ احتلال القدس والأقصى في عام ١٩٦٧م، وما زال المسجد مغلقًا، دون خشية من ردود الأفعال العربية والإسلامية.
لقد طالبت الهيئات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، يوم السبت، الدول العربية والإسلامية بتحمل مسؤولياتهم بلجم حكومة الاحتلال التي بالغت في ردة الفعل وأغلقت المسجد، ومنعت رفع الأذان فيه، وأوصلت إليه الأمور في المسجد الأقصى إلى ما وصلت إليه. حيث قالت الهيئة الإسلامية: إنها فقدت السيطرة على المسجد الأقصى بشكل كامل؛ بفعل إجراءات الاحتلال الإسرائيلي وإغلاقه لليوم الثاني على التوالي.
وشددت الهيئة الإسلامية والمسيحية على أن إغلاق المسجد الأقصى في وجه المسلمين حدث خطير، واعتداء صارخ على حقنا الشرعي ونطالب بفتحه فورا. وإن "ما تم من اقتحام للمرافق التابعة للأقصى بالقوة هو عدوان يمس عقيدة الأمة وتاريخها ويمثل غطرسة المحتل".
من جانبه قال مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني، إن شرطة الاحتلال أجرت عمليات تفتيش واسعة في المسجد الأقصى تخللها تكسير لأبواب وعبث في محتوياته، علاوة على تفتيش مسجد قبة الصخرة 5 مرات.
وأضاف: "وجدنا المسجد فارغًا من المصلين وهي رسالة إلى كل العالم العربي والإسلامي بأن الأقصى يبكي مما يحصل له، فالاحتلال أمعن في ظلمه للمسجد الأقصى، فما جرى ليس حجة أن يغلق المسجد للبحث عن سراب". وقد استنكر الأردن بصفته وصيًا على الأماكن المقدسة في القدس إغلاق المسجد أمام المصلين مطالبًا بفتحه فورًا، كانت رسالة الأردن واضحة وقوية، ما اضطر معه نتنياهو إلى الطلب من الأردن بضبط النفس، وإدانة قتل الشرطيين؟!
إن هناك اتجاهًا في الحكومة الإسرائيلية ولدى المستوطنين يدعو لاستغلال حدث يوم الجمعة ومقتل الشرطيين لبسط السيطرة الإسرائيلية على المسجد، وتنفيذ مخطط التقسيم الزماني والمكاني، لا سيما وأنه لا تكاد تجد ردود أفعال عربية قوية ضد إغلاق المسجد، عدا ما صدر عن الأردن. فهل يصحو العالم الإسلامي والعربي من غفوته، وينصرون المسجد الأقصى بصفته أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؟! هذا ما نأمل أن يحدث.