بقلم :د. يوسف رزقة
حين قرأت ما كشفه موقع التايمز البريطاني نقلًا عن مصادر أمريكية وأخرى عربية أن بوادر تطبيع بين تل أبيب والرياض بدأت تتضح معالمها في حال تم تجميد البناء الاستيطاني وتخفيف الحصار عن قطاع غزة، وأن ذلك يشير إلى اقتراب عملية سياسية بين (إسرائيل) والدول العربية
وحين أكد المصدر أن اتصالات ومباحثات حثيثة تجريها السعودية وإسرائيل لتطبيع العلاقات بينهما وأن التطبيع الاقتصادي سيبدأ قريبًا بخطوات صغيرة مثل منح المصانع ورجال الأعمال الإسرائيليين حرية العمل العلني في منطقة الخليج أو السماح لطائرات شركة "العال" بالتحليق في المجال الجوي السعودي؟!
حين قرأت هذا الاقتباس تذكرت اتفاقية كامب ديفيد مع مصر وكيف أن الشعب المصري رفض ويرفض التطبيع مع (الإسرائيليين) واقتصرت العلاقة القائمة على الجهات الرسمية، وتذكرت كيف أن الجهات الرسمية في عهد مبارك عانت من محاولات إسرائيلية متكررة لزرع جواسيس في مصر يعملون لصالح دولة الاحتلال
إن أي محاولة تطبيع مع السعودية أو دول الخليج الأخرى هي في النهاية على حساب مصالح دول المنطقة وشعوبها. إن الشعب في الخليج يرفض بالفطرة مسألة التطبيع مع الاحتلال رغم الضغوط الأميركية في هذا المجال، ومن المعلوم أن المبادرة العربية ربطت التطبيع بالانسحاب الإسرائيلي إلى حدود عام ١٩٦٧م، وهذا ما رفضته دولة الاحتلال، وما زالت ترفضه. إسرائيل ترفض الانسحاب إلى حدود ١٩٦٧م وترفض قيام دولة فلسطينية ذات سيادة مكتملة، بل وترفض أيضا وقف الاستيطان أو تجميده، مما يعني أن ما جاء في موقع التايمز البريطانية حول تجميد الاستيطان وتخفيف الحصار عن غزة فيه نظر؟!
(إسرائيل) ترى أن الإدارة الأميركية الحالية تعمل لصالحها، وأنه يمكن استغلال نفوذ أميركا لإحداث اختراق في العلاقة مع دول الخليج دون التعرض للانسحاب أو وقف الاستيطان، كما تنص المبادرة العربية، وفي الوقت نفسه من الصعب التصديق بأن السعودية طلبت وعدًا وضمانًا إسرائيليًا بالانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران، لكن ليس عليها الانسحاب فورًا، بل يمكن فعل هذا بالمستقبل، بحسب الاتفاق الذي يتوافق عليه الفلسطينيون والإسرائيليون؟!
وأن هذا لا يعدو عن عملية خلط للأوراق قائمة على التخمينات، فمن المعلوم أن الرياض كغيرها من الدول العربية لا تثق بالوعود الإسرائيلية، وأنه من الصعب أن نصدق أن تطبيعًا في العلاقات الإسرائيلية ستجري بشكل تدريجي كما يقول الموقع في الفترة القريبة القادمة، ونحن نأمل أن تبقى المملكة بثقلها وريادتها للدول الإسلامية سندًا للمطالب الفلسطينية المشروعة، رغم الصعوبات الجمة التي يمرّ بها الخليج العربي، وأن تصر على انسحاب إسرائيل. نعلم أنه ثمة تأكيدات إسرائيلية تتحدث منذ فترة عن تطورات قادمة في العلاقات مع دول الخليج، ولكننا لا نثق بما يقوله الإسرائيليون في هذا المجال، ونأمل أن نسمع نفيا من دول الخليج لهذه المزاعم.