بقلم : د. يوسف رزقة
تعقد الأنظمة العربية مؤتمر القمة العربية رقم(٢٨) اليوم ٢٩/٣/٢٠١٧م في الأردن، قرب البحر الميت، لتدارس الأوضاع العربية المختلفة. القمة المنعقدة اعتيادية وفي موعدها السنوي المقرر سابقا، وهي برئاسة الأردن.
ماذا قال الأردن عن الأوضاع العربية في مؤتمر وزراء الخارجية قبل يومين من انعقاد القمة؟ يقول أيمن الصفدي وزير خارجية الأردن: " نجتمع في زمن عربي صعب، تسوده الأزمات، والصراعات، التي تحرم منطقتنا الأمن والاستقرار اللذين تحتاجهما لنلبي حقوق شعبنا في التنمية والتعليم والعمل والأمل".
وعن ثقة المواطن العربي في مؤسسة الجامعة العربية، والعمل المشترك، قال الوزير:" النظام الإقليمي عجز عن حلّ الأزمات ووقف الانهيار، فتراجعت ثقة المواطن العربي في مؤسسات العمل العربي المشترك أكثر، وغاب التنسيق والفعل العربي المؤثرات، فتسلل الغير عبر الفراغ ليتدخلوا في شئوننا، وليحيلوا عديد من حواضرها إلى ساحات صراع... وأن الاجتماع فرصة لاستعادة المبادرة والتوافق على سياسات يمكن أن تضعنا على الطريق نحو احتواء الأزمات وتجاوز التحديات".
هذه هي صورة المشهد العربي القائم، وقد أحسن الوزير وصفها، وكان دقيقا فيما قاله، فالأزمات والصراعات تعصف ببلداننا العربية في العراق، وسوريا، وليبيا، ومصر، واليمن، وغيرها، وثمة حالة فراغ حقيقية سمحت بتدخلات إقليمية ودولية في شئون بلادنا، فثمة تدخلات إسرائيلية ، وإيرانية، وروسيا، وأميركيا، إضافة إلى حالة التطرف الداعشي الذي يضرب المنطقة، واغتيال ( إسرائيل) لقادة فلسطينين لجرّ المنطقة إلى حرب جديدة.
لقد صرح ضابط إسرائيلي كبير بأن ( الاغتيال المركز) يعني اغتيال القيادات، هو نهج معتمد في السياسة الإسرائيلية منذ الخمسينيات من القرن الماضي. وقال الضابط في صحيفة ( إسرائيل اليوم) : إن الاغتيال المركز هو إحدى الأدوات الفاعلة التي تمتلكها ( إسرائيل) ، وطالما استخدمتها بشكل مدروس، خاصة أن الفائدة من استخدامها، تتفوق على سلبياتها؟!"
في ظل هذه الأجواء والمشاهد تنعقد القمة العربية العتيدة رقم (٢٨) لتعيد التأكيد على بيانات القمم السابقة، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومجموع القضايا العربية المختلفة، والموقف من الدول الإقليمية، والمجتمع الدولي، والتمسك بالسلام والشرعية الدولية والمبادرة العربية، دون معالجة عملية لأي من قضايا العرب في فلسطين، أو سوريا، أو العراق، أو اليمن، أو ليبيا، وكأن البيانات الطيبة، والكلمات القومية الطيبة هي البلسم الممكن حاليا لجراحات البلاد العربية من المحيط إلى الخليج؟!!.
ولأن الأمر أصبح هكذا ضمن التوقعات الشعبية المعتادة، فإنك لا تجد اهتماما شعبيا وإعلاميا بالقمة، ولا تجد في الواقع ثقة للمواطن العربي فيها، ولا يكاد أحد ينتظر مخرجاتها وقراراتها، ونحن نعلم أن القمة تمثل في الحقيقة الأوضاع القطرية العربية بما فيها من ضعف، وبما فيها من تمزق، وصراعات، وتدخلات إقليمية ودولية. ومع ذلك نأمل من بيان القمة أن تعيد الاعتبار إلى القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى والمركزية، وأن تنظر بجدية إلى التهديدات التي تطلقها دولة العدو ضد غزة، وضد السلطة أيضا، وحبذا لو توجهت الجامعة من خلال لجنة عربية إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاسبة دولة العدو، وتحقيق العدالة، وإزاحة التردد المؤسف الذي يعتري السلطة الفلسطينية.