د. يوسف رزقة
في عام ١٩٧٤م قرر المجلس الوطني الفلسطيني اعتبار يوم ١٧ من إبريل من كل عام يوما للأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي. لا توجد مناسبة محددة لاختيار هذا التاريخ من العام، مما يعني إن المجلس الوطني أراد بهذا اليوم أن يكون يوما لأنشطة احتفالية تفعل قضية الأسرى الفلسطينين، وتجعل التماس الوطني مع الأسرى تماسا مميزا، عن التماس بهم في الأيام الأخرى من السنة.
احتفالات يوم الأسير في ١٧ إبريل لا تعني إغفال قضية الأسرى في بقية أيام السنة، وتذكرهم في هذا اليوم فقط، بل المقصود هنا أن يتميز الاهتمام في هذا اليوم عن الاهتمام الدائم في الأيام الأخرى. ومن هنا تتنوع الأنشطة الوطنية والفصائلية والإعلامية بقضية الأسرى، ومنها شرح قضاياهم للرأي العام، وإطلاع العالم على أعدادهم، بحسب الأعمار، والنوع، والأحكام ، وأنواع العذاب التي يقاسونها، و عصف العدو بحقوقهم التي أقرتها المؤسسات الدولية، وحرمانهم من الحق في العلاج، والحق في قراءة الصحف والاطلاع على أخبار العالم، والحق في زيارة الأهل، ومقابلة المحامين، وخلاف ذللك من حقوق.
في هذا اليوم من كل عام يتذكر المواطنون صفقات تبادل الأسرى، والتي كان أخرها صفقة وفاء الأحرار، حيث تم الأفراج عن (١٠٥٠) أسير فلسطيني في مقابل إفراج المقاومة عن جلعاد شاليط، ويسترجعون كيف غدرت حكومة الاحتلال بشروط الاتفاقية وأعادت اعتقال المحررين، وإعادتهم إلى أحكامهم الأولى، وهنا يسترجع ذوو الأسرى فشل الضامن المصري للاتفاقية بالوفاء بشروط الضمان والرعاية، وترك الإسرائيلي يعبث بشروط ما وقع عليه.
في يوم الأسير يسترجع المحتفون به الأعمال الفردية، والأعمال الفصائلية، البطولية، على مدى تاريخ قضية الأسرى من أجل تحريرهم، لأن هذا الاسترجاع التاريخي جزء من تاريخ العمل الوطني المشرف، المفعم بالتضحيات الحقيقة، وهو استرجاع يجدد الدماء، والعواطف، من أجل مواصلة طريق الأبطال ، وطريق التضحيات.
في يوم الأسير يسترجع قادة الفكر الديني والوطني، موقف الفقه الإسلامي من قضية الأسير المسلم، وما هي واجبات وليّ الأمر وصاحب القرار من هذه القضية، وكيف أوجب الفقه على وليّ الأمر أن ينفق كل مال الدولة من أجل إخراج الأسير من الأسر، وله أن يأخذ من مال الناس الخاص أذا لم يف مال الدولة بمطالب فك أسر الأسير، وله أن يدخل في حرب واسعة النطاق إذا فشلت السياسة، وفشل المال في الإفراج عن الأسرى المسلمين.
لأن من أوجب واجبات الحاكم فك أسرى المسلمين من قيودهم وسجنهم.
يوم الأسير يوم يذكرنا بقوتنا وبضعفنا معا. وهو يوم ننظر فيه لمن في السجن كما ننظر فيه لمن في القصر. هو يوم يقول فيه الأسير للرئيس ما كان لك أن تدخل القصر لو لم أدخل أنا السجن، فلماذا تنساني، وتهملني؟! وأنا الذي أجلستك في كرسي الحكم والقصر؟!
إنه يوم للفكر، والواجب. وهو يوم مشحون بالأشجان والقصص والحكايات من كل نوع. وهو أولا وأخيرا يوما للوفاء لمن يستحقون الوفاء. وهو يوم الدعاء لهم بالحرية والفرج.