د. يوسف رزقة
ماذا يعني الإضراب الشامل لموظفي الوظيفة العمومية بغزة؟! و هل تملك الساحة الفلسطينية في غزة والضفة إجابة واحدة موحدة على سؤال الإضراب، مع الأخذ بالحسبان أنه ليس الإضراب الأول، ولن يكون الأخير أيضا، في ظل الأجواء التي تلف الموظفين لفا ظالما؟!
الواقع يقول إن الإجابات متعددة بتعدد المواقف والرؤى السياسية والفصائلية؟! وهنا يأتي سؤال الموظف الحارق للأكباد والقائل : وهل راتب الموظف قضية سياسية حتى تتعدد فيه الإجابات والمواقف؟! ومن متى صار الراتب وطعام الأسر الغزية قضية سياسية؟! فهل الوطن للفتح؟! أم الوطن لفتح وللجميع؟! وهل الوظيفة العمومية لفتح دون غيرها من أبناء الوطن من الفصائل الأخرى والمستقلين ؟! من قال إن موظف الضفة يرث وموظف غزة لا يرث ؟! من صاحب القسمة الضيزى هذه التي بهدلت الوطن ، ومزقت الأخلاق، وقطعت الأرحام.؟! الموظف في وظيفته يعمل بقانون ويخدم أبناء الوطن كافة، ولا يبحث في هويتهم ولا في ضمائرهم ، وهذا هو الواجب ، ومن يخالف الواجب ومنطق الوظيفة العمومية يعاقب بالقانون لا بالسياسة ؟!
لماذا يعبث رئيس السلطة بالقانون ، وبالوظيفة، ويضع السياسة في موضع القانون ؟! إن من علامات الفشل والغباء أن تضع القيادات السياسة موضع القانون ، وتجعل الولاء حكما على الراتب والوظيفة، وهذا الغباء لا يحصل إلا في البلاد المتخلفة ، وعند القيادات المستبدة التي تنظر للوطن والمال على أنه مزرعة الوالد وضيعته ، وملك يمينه ؟!
لماذا يلعب رئيس السلطة في أرزاق الناس والموظفين؟! فهل يأخذ الموظفون رواتبهم الشهرية من خزينة آل عباس، أم يأخذونها من خزينة الوطن؟! عباس موظف بدرجة رئيس و يتقاضى راتبه كغيره من الموظفين ( أو هكذا يجب في القانون و العقل والمنطق) من خزينة الوطن؟! إن كل دولار يدخل إلى خزينة الحكومة من الضرائب، أو من المنح والتبرعات الخارجية هو دولار الوطن، وليس دولار عباس، ولا أبناء عباس، ولا دولار فتح؟! وما يجري من تحكم عباس في المال بمساعد إسرائيل هو الاستبداد بعينه. وهو العار بعينه. وهو ما يجب محاربته. وأحسب أن الإضراب في هذا اليوم جاء لتحقيق هذا الهدف.
إضراب اليوم هو إضراب ضد الاستبداد، وضد تحكم عباس في مال الشعب والوطن، وهو ضد بقاء حالة الاستبداد والمستبدين لفترة أطول في ممارسة فشلهم واستبدادهم. ( الحرة يا عباس لا تأكل بثدييها؟!). وموظفي الوظيفة العمومية أحرار، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار، فأنى لك أن استعبدهم من خلال الراتب، ومتطلبات الوظيفة؟!
الموظف يريد حريته، كما يريد راتبه. الموظف في غزة مواطن من الدرجة الأولى، كغيره في الضفة، وهو يضرب من أجل الحصول على حقه الكامل في المواطنة. الموظف في غزة يبحث عن المساوة وعن العدالة، قبل أن يبحث عن راتبه. لقد فشل عباس في قراءة الإجابة عن سؤال الراتب، وقد طال زمنه في الفشل فبلغا عاما بعد اتفاق الشاطئ ، لذا كان الإضراب اليوم. ولهذه المعاني يجب أن يكون سلاحا للحصول على الحقوق كاملة. وما ضاع حق وراءه مطالب، وإن غدا لناظره قريب. يعيش الموظف، ويسقط الاستبداد؟!