د. يوسف رزقة
هل بدات الحرب الدينية بنار يهودية في الأقصى ؟!. فقد أصيب أكثر من 100 فلسطيني من المصلين والمرابطين في المسجد الأقصى، جراء المواجهات التي اندلعت مع قوات الاحتلال منذ فجر اليوم الأحد، حيث تصدى المصلون رجالا ونساء لوزير الزارعة الصهيوني وعصابة من المستوطنيين الذين اقتحموا باحات الأقصى لفرض أمر واقع على المسلمين، يقول في البداية (بالشراكة؟!) في المكان، وفي الزمان، ثم يتطورإلى (الاستحواذ ؟!) على باحاته لأقامة الهيكل المزعوم، وهذا سيفضي لا محالة إلى ( هدم ) المسجد نفسه في مدة زمنية تبدو والله أعلم قريبة .
قبل أيام حذر خالد مشعل زعيم حماس من خطورة ما يجري في المسجد الاقصى من عمليات إجرائية تجسد قرار فرض التقسيم الزماني من خلال سياسة الأمر الواقع التي تقوم على التدرج في التنفيذ، واحتواء ردود الأفعال، لحين تصبح الإجراءات الصهيونية عملا روتينيا لا يثير أحدا من كثرة ألفة المصلين المسلمين له.
وقد نبه مشعل القادة العرب والمسلمين والعلماء، وخص بالتنبيه والمناشدة الأردن والمغرب والسعودية قائلا لهم إن التقسيم الزماني بدأ فعلا وهو قيد التطبيق ، حيث يمنع الجنود المصلين من الدخول إلى المسجد الاقصى من السابعة صباحا وحتى الحادية عشرة قبيل آذان الظهر، ويسمح في هذه الفترة لليهود بالدخول وإقامة شعائر توراتية.
هذه الصورة جزء حقيقي من مكونان المشهد والمخطط الذي ينفذ في المسجد الأقصى بدون ضجة إعلامية، وهو يكتمل مع جزء آخر قرره يعالون وزير الدفاع في حكومة نيتنياهو قبل أيام حين قال بإلغاء ما يعرف (بمصاطب العلم) في الأقصى، حيث يتجمع تلاميذ العلوم الشرعية مع أساتذتهم في الصباح والمساء في حلقات ( صفوف ) يوميا لتلقي العلم الشرعي والعربي، إحياء للمدرسة الإسلامية القديمة التي كانت في عهود الخلفاء المسلمين. وقد نبه الشيخ رائد صلاح شيخ الأقصى إلى خطورة قرار يعالون هذا ، وبين عيوبه وعواره، ودعا المصلين وطلاب المصاطب إلى كسره، ورفض الالتزام به، وخاطب يعلون قائلا له : ( إنك بقرارك هذا تلعب بالنار، وتفجر حربا دينية كبيرة) .
أمس الأحد تصدى المصلون للإجراءات الصهيونية العنصرية، فأصيب بجراح (100) من المصلين وطلاب العلم والمرابطين، ونقلت وسائل الإعلام العربية والعالمية مشاهد العدوان اليهودي المزدوج: حيث دخل وزير الزراعة ومن معه من المستوطنين والمتدينين الاقصى بحماية جنود الاحتلال الذي أطلق النار والرصاص المطاطي داخل صحن المسجد الاقصى نفسه، وخلع العديد من شبابيك الواجهة القبلية له.
إنك إذا شاهدت فيديو اقتحام المسجد وإطلاق النار وضرب المصلين، أمس الأحد، ستدرك كيف تحول المسجد الأقصى إلى ساحة معركة حقيقة، ولكنها معركة غير متكافئة بين جنود مدججين بالسلاح ومصلين يدافعون عن عقيدتهم ومسجدهم بصدورهم العارية، وينبون عن أمة المليار في حماية أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، بينما يفشل إعلام أمة المليار في إدارة معركة إعلامية عالمية ضد الأعمال الصهيونية العنصرية؟!!.
المسجد الأقصى وعماره من النساء والرجال في فلسطين المحتلة لا يريدون من قادة العرب والمسلمين إعلان حرب على العدو، ولكن يريدون منهم نصرة إعلامية وسياسية تضغط على العدو الغاصب لكي يوقف إجراءاته، ويبتعد عن باحات الأقصى. نعم نصرة إعلامية فقط تكشف التعصب الديني اليهودي البغيض للعالم. إنكم لو نصرتم يا عرب الأقصى في إعلامكم لكف العدو عن التمادي في خططه وعدوانه. جربوا. اللهم احفظ الأقصى من مكر يهود، ومن خذلان قادة العرب والمسلمين.