د. يوسف رزقة
لفت نظري أمس تصريح لفصائل العمل الوطني والإسلامي بغزة، في مؤتمرهم النقابي، حيث جاء في التصريح على الصفحة الأولى من جريدة فلسطين:( فصائل تطالب بإنهاء معاناة موظفي غزة؟!). ومن المعلوم أن إنهاء المعاناة يتم بدمج الوزرات في غزة والضفة معا، وبصرف رواتب الموظفين في غزة، والمتوقفة بقرار سياسيي من محمود عباس نفسه، بعيد التوقيع على اتفاق الشاطئ في ٢٠/٤/٢٠١٤م.
اللافت للنظر في التصريح هو أن الفصائل ( تطالب؟!) إنهاء معاناة الموظفين ، وهي مطالبة تأتي بعد أكثر من ثماني أشهر من تشكيل حكومة التوافق؟! نعم هي ليست المطالبة الأولى، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة. ومن ثمة لم يتغير شيئا بهذه المطالبة، لأن الفصائل تطالب محمود عباس بصفته صاحب القرار، ومحمود عباس لن يستجيب لهذه المطالبة، بل هو يتمادى في قطع رواتب المناوئين له من أبناء حركة فتح، التي هي حركته، التي سودته، وأجلسته في منصب الرئيس؟!
المؤسف في تصريح الفصائل أنها لم تغادر (مربع المطالبة، والمناشدة )، مع ما مضى من مدة طويلة، وهي تعلم أيضا أن محمود عباس لن يستجيب لمطالبها. وهنا نسأل كم من الوقت تحتاج الفصائل وفي مقدمتها حماس لكي تغادر مربع المطالبة، لتجد طريقا آخر يجبر محمود عباس على الاستجابة لمطالبها؟!
يبدو أن عباس لا يقيم وزنا كبيرا للفصائل، فهو يذهب إلى المفاوضات بقرار منفرد، ويذهب إلى مجلس الأمن بقرار منفرد، ويذهب إلى محكمة الجنايات بقرار منفرد، وقد يتراجع عن هذه الخطوات بقرار منفرد، وهو يعرقل عمل المجلس التشريعي بقرار منفرد، ويمتنع عن دعوة الإطار القيادي لإصلاح منظمة التحرير بقرار منفرد، ويقرر الانتخابات، ويمتنع من إجرائها بقرار منفرد، وهذا كله يعني أن وزن الفصائل عنده ليس ثقيلا، ولا شريكا، ومن ثمة فهو يحصرها في المطالبة، والمناشدة، وفي الدائرة الإعلامية، وفي أروقة المؤتمرات؟! .
إن مطالب الفصائل على أهميتها الوطنية، تعبر من زاوية أخرى عن ضعفها، وعن أنها موجود خارج القرار الرسمي، الرئاسي والحكومي، وأن وجودها في المجلس التشريعي هو وجود العاجز، أو العاطل عن العمل؟! ومن هنا نطالب الفصائل مجتمعة بضرورة مغادرة (مربع المطالبة) وحسب، والبحث عن آليات عمل بديلة تقرر من خلالها حلولا لمطالبها، ومن ثمة إجبار عباس على احترام مطالبها، ومواقفها، وبدون ذلك لن يتغير عباس،وستبقى معاناة الموظفين.
وهنا أود أن أنبه لأمر ضروري ، هو أن المعاناة ليست معاناة الموظفين فحسب، بل هي معاناة سكان قطاع غزة كله، باعتبار أن المعاناة أوسع من الموظفين، فالتاجر، والعامل، والطالب، والمريض، والمزارع، والجامعات، والمدارس، والشئون الجتماعية، والقطاع الخاص، والمرأة، والطفل. ، إن كل مكونات المجتمع تعاني مع معاناة الموظف بشكل أو بآخر.
إن هذه المعاناة التي تتسع رقعتها في كل المستويات ، يوما بعد يوما ،وبالذات في المستوى الاجتماعي والأمني، وهو أمر ينذر بخطر شديد على المجتمع، وعلى الفصائل نفسها أن تعجل في (عملية الاستدراك) ، لأن الشعب ربما بدأ يفقد ثقته في الفصائل وفي دورها ومطالبها.