د. يوسف رزقة
يبدو أن نيتنياهو مطمئن لعودة الجمهوريين للحكم في البيت الأبيض. نيتنياهو الذي ربط مصيره السياسي بالجمهوريين قرر مواجهة إدارة الرئيس أوباما، مرة من داخل الكونجرس بخطابه الرافض للاتفاق النووي مع إيران، ومرة من خلال حملته الانتخابية التي أعادته لرئاسة الحكومة ، حيث أعلن انتهاء مشروع حل الدولتين، وأنه لن يقوم بانسحاب جديد في الضفة، الأمر الذي أثار حفيظة الإدارة الأميركية، لأن فيما قاله نيتنياهو نهاية للدور الأميركي في مفاوضات السلام.
في ضوء ما تقدم بدأت الإدارة الأميركية ترفع صوتها ضد نيتنياهو، وتتهمه بالتدخل في الشأن الداخلي الأميركي.
وقد اتهمت إدارة أوباما المخابرات الإسرائيلية بالتجسس ، واعتبرت تصريحات نيتنياهو ضد عرب ١٩٤٨م تصريحات عنصرية.
ولم يكن اتصال أوباما بنيتنياهو للتهنئية بالفوز دافئا، وانتهت المفاوضات مع إيران باتفاق مبادئ، وصفه أوباما بالتاريخ، ووصفه نيتنياهو بأسوأ اتفاق لأنه يهدد أمن اسرائيل بزعمه.
هذه مجموعة من المواقف والمؤشرات التي تحكي جفاء في علاقة أباما شخصيا، وإدارته ، مع نيتياهو وحكومته، ولكن الطرفين يؤكدان في كل مناسبة على متانة العلاقات الاستراتيجية بينهما، رغم الخلافات في الملفات المذكورة.
خلاصة القول تقول : إن إدارة أوباما في البيت الأبيض تواجه أزمة في التعامل مع نيتنياهو، بعد الحرج العلني الذي تسببه لها في الملف الإيراني من ناحية، وفي ملف مشروع حل الدولتين من ناحية أخرى.
إدارة أوباما بدت عاجزة أمام نيتنياهو قبل فوزه في الانتخابات الأخيرة، وهي الآن أشد عجزا بعد فوزه الكبير على غير توقع وقد عبرت إدارة أوباما عن عجزها هذا، من خلال التسريبات التي تتحدث عن توجه الإدارة الأميركية لتمرير قرار في مجلس الأمن للاعتراف بدولة فلسطين على محدود ١٩٦٧م، تقدمه فرنسا بضوء أخضر منها ؟!
هذه التسريبات تدل على عجز، أكثر مما تدل على قوة، أو على رغبة أميركية لمعاقبة نيتنياهو على تصرفاته وتصريحاته.
لذا نجدها تبحث عن أفكار جديدة، وأليات جديدة تمكنها من التعامل مع نيتنياهو الذي يحظى بدعم الجمهوريين، وبعض الديمقراطيين.
وأحسب أن أوباما مضطر للتخلي عن فكرة الصدام، والعقاب، في تعامله مع نيتنياهو، على الأقل لكي لايقضي على فرص المرشح الديمقراطي القادم بالفوز بالبيت الأبيض.
أوباما يدرك حجم تأثير اللوبي اليهودي في أميركا في الانتخابات العامه، وهو دور لا تقفز عنه الأحزاب الأميركية.
في ضوء ما تقدم فإن الخاسر الأبرز هو مشروع المفاوضات، وحل الدولتين ومحمود عباس والسلطةالفلسطينية، التي أحرقت بدائلها أمام سراب حل الدولتين، وأمام الرعاية الأميركية، وتبدو قيادة المفاوضات الفلسطينية الآن كمن بلع منجلا، فلا يستطيع إتمام البلع ولا إخراج المنجل؟! لذا نجد صوت عباس وصائب خافتين ، حيث لا يتحدثا عن المفاوضات، ولا عن بدائل المفاوضات، ويمضيان وقتهما في قضم أظافرهما، أو الحديث في الجنائية، أو الكذب على الله واتهام حماس بالتفاوض السري مع اسرائيل. ثمة مرجحات تشير إلى أن اسرائيل ستفرض رؤيتها بما تملك من أوراق داخل أميركا نفسها، دون أن تهدم علاقتها الاستراتيجية مع أميركا، ولديها المؤهلات الكافية لانتظار فريق الجمهوريين بعد أقل من سنتين. فمن ينتظر عباس وعريقات؟!