د. يوسف رزقة
قبل يومين أغارت طائرات صهيونية على مخازن سلاح قرب مطار دمشق الدولي. الغارة تبعتها عشرات الانفجارات القوية في المكان. القيادة السورية لم تتوعد إسرائيل بالرد، في الوقت المناسب، والمكان المناسب، كما كانت عادة النظام في تصريحاته ، قبل الثورة السورية. لقد عرّت إسرائيل النظام حتى من حقه في الكلام. كنا في زمن مضى نضحك من الوقت المناسب، والمكان المناسب، وها نحن اليوم نحن لسماع هذا الكلام الفارغ، لأن النظام لم يعد يجرؤ أن يستعيد ماضيه حتى في باب الكلام.
ما قيمة قول الاعلام السوري عن القصف الأخير قرب المطار، وتدمير مخازن السلاح، (بأن اسرائيل تساعد بعملها هذا داعش؟! ) حتى الكلام لم يعد له طعم. وقديما قالوا من يهن يسهل الهوان عليه. هكذا هانت سوريا على من يحكمها، فهانت على اسرائيل، وهذه نتيجة حتمية لمن يقتل شعبه، ولا يرعى حق الله فيما يملك.
إن من يقتل شعبه بكل أدوات القتل والتدمير، ويقضي على مستقبل سوريا، ويجعلها ذليلة تحت قصف الطائرات الصهيونية، لا مستقبل له حتى عند من خدمهم.
ما كان من قصف أمس هو شيء طبيعي في الفكر الصهيوني، لأن تجريد المنطقة العربية من السلاح هو هدف استراتيجي، لا مجاملة فيه، وهي لن تتوانى عن استخدام القوة الغاشمة لتدمير مصادر القوة في الأمة، حتى ولو كان النظام مهترئا كالنظام السوري، الذي يقتل شعبه خدمة تصب في النهاية في مصلحة اسرائيل.
بعض التحليلات فسرت القصف قرب المطار بالدعاية الانتخابية يقوم بها نيتنياهو من أجل الحصول على أصوات اليمين، إذ يقدم نفسه لهم في صورة الرجل القوي، والقائد الذي يحمي أمن الدولة بلا منافس.
نيتنياهو في وجهة نظري ليس في حاجة للدعاية بين اليمين، فهو رأس هرم في اليمين المتطرف، وهو معروف بذلك، لذا فإن القصف الذي تم هو جزء من استراتيجية مقررة سلفا لهدم مصادر القوة عند الآخرين مهما كانت طبيعة النظام.ومن ثمة كانت القوة الإيرانية هدفا، وستبقى هدفا، حتى وإن تصالحت إيران مع أميركا.
في الدول العربية من لا يحسن قراءة الاستراتيجية الصهيونية فيطمئن لتطبيع العلاقة مع اسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية، ويحسب أن قوة اسرائيل العسكرية ستكون في خدمة الخليج إذا ما تعرض أمن الخليج للخطر.
القوة الصهيونية غاشمة، ولأنها كذلك فهي تضرب في كبد المطبعين والحلفاء الجدد قبل أن تضرب في قلب الأعداء. ومن أراد النجاة من الهوان ومن المذلة فعليه الاعتبار بهذا القصف، ومن لا يعتبر به عليه الاعتبار من قتل اسرائيل للوزير زياد أبو عين، ومن يبادر بوقف التنسيق الأمني، يمكن أن يحمي ما تبقى من قوة في شعبه، وأن يأتي القرار متأخرا خير من ألّا يأتي.