تظاهرة بلا مساواة في الدماء
آخر تحديث GMT 21:12:46
 فلسطين اليوم -

تظاهرة بلا مساواة في الدماء؟!

 فلسطين اليوم -

تظاهرة بلا مساواة في الدماء

د. يوسف رزقة

الخبر الأول في وسائل الإعلام العربية والعالمية يدور حول التظاهرة الدولية ضد الإرهاب التي دعا لها الرئيس الفرنسي. خمسون من الزعماء شاركوا في التظاهرة في باريس. أبرز المشاركين الذين يثيرون اهتمامي كفلسطيني هما( نتنياهو وعباس). ولست أدري ما الذي جمع بينهما؟! هل هو حب فرنسا، واستقطاب الصوت الفرنسي؟! أم هو كراهية القتل، وكراهية هوية القاتلين؟! أم هو الدفاع عن حرية الرأي ، وحرية التعبير؟! وهذه أسئلة تحتاج لإجابة لأن المنطق العقلي يفترض أن الرجلين من حقلين مختلفين؟!

وقبل أن نبحث في الحقيقي، والمفترض، أقول: لقد كشفت التظاهرة الدولية الكبيرة، بمشاركة زعماء من خمسين دولة، أن الدم الفرنسي له ثمن مرتفع جدا؟! بينما لا ثمن للدم الفلسطيني والعربي والمسلم؟! في الشرق الأوسط لا ثمن للدماء التي تسفك بيد فرنسا وأميركا و(إسرائيل) والتحالف أيضا؟!.

وبعيدا عن الوضع الملتبس مع تنظيم الدولة، أقول لقد قتلت (إسرائيل) (٢٢٠٠) فلسطيني في حربها الأخيرة ( الجرف الصامد ) ثلثهم من الأطفال والنساء، ولم تدع فرنسا أو غيرها من دول الغرب إلى تظاهرة دولية ضد إرهاب الدولة، والقتل ؟! والحال في سوريا كالحال في غزة مع اختلاف القاتل، فلم تحظَ دماء سوريا بتظاهرة دولية لوقف سفك الدماء البريئة؟!

القادة في الغرب لا يساوون بين الدماء، ولا بين القتلى ؟! فعلى الرغم من خروج الجالية المسلمة في فرنسا في التظاهرة ضد القتل، بدعوى من قادة المسلمين هناك، وهذا جيد للجالية، غير أن الإعلام الدولي لا يتحدث إلا عن القتلى اليهود، والفرنسيين، ولا يذكر مقتل اثنين من المسلمين في الهجوم نفسه؟! هذه المفارقات تغذي عادة التشدد، لأن روح التفرقة العنصرية تسكنها بقوة.

نعود إلى نتنياهو وعباس. فالثاني لم يتظاهر هو، ولم يدعو غيره إلى مظاهرة دولية، أو حتى فصائلية، ضد العدوان الأخير على غزة، نصرة لدم أطفال غزة؟! والآن هو مشارك رئيس في التظاهرة تضامنا مع فرنسا؟! لست ضد تضامنه، ولكني أشعر أن أطفال غزة كانوا أحق بالتضامن وبمظاهرة دولية يدعو لها في رام الله؟!

أما الأول، أقصد نتنياهو، فهو يشارك في التظاهرة الدولية لأسباب منها: أنه يريد أن يستثمر الحدث لتعميق العداء الغربي ضد الإسلام والمسلمين، لا في الشرق الأوسط فحسب، بل وفي أوروبا، لذلك هو يتحدث عن مفهوم الإرهاب الإسلامي فقط في الغرب؟! ولا يتحدث إلا عن القتلى اليهود فقط، ولا يشير لمقتل بعض المسلمين؟!. والثاني أنه يريد أن يستثمر الحدث لجلب أكبر عدد من يهود فرنسا للهجرة إلى فلسطين المحتلة، باعتبار أن ( إسرائيل) دولة اليهود، وحصن الأمن والأمان لهم. والثالث أنه يريد أن يستثمر مشاركته في الدعاية الانتخابية له ولحزبه في انتخابات مارس القادم.

من الموازنة بين مشاركة الأول والثاني، تجد أن نتنياهو يتجاوز في مشاركته فكرة التضامن مع فرنسا إلى خدمة أهداف استراتيجية لدولته بعيدة المدى، ومنها إضافة لما تقدم نزع تهمة إرهاب الدولة عن حكومته. ولست أدري ما هي استراتيجية الثاني غير فكرة التضامن مع فرنسا بزعم أنها صديقة لفلسطين؟!

لقد سخرت بعض وسائل الإعلام الفرنسية نفسها من مشاركة زعامات دول متهمة بالإرهاب والقتل، وكيف تأتي لفرنسا للتظاهر ضد القتل، وأحسب أن مشاركة نتنياهو تستحق أكثر من سخرية؟! وسخرت أيضا من دعوة الرئيس الفرنسي نفسه للمظاهرة، لأن يد فرنسا ملطخة بالدماء في نظر الآخرين، واعتبرت أن الرئيس الفرنسي سرق ما هو حق من حقوق المجتمع المدني الفرنسي بالدعوة للتظاهر لاسترجاع شعبيته.

وفي الختام فإني أتوقع أن تكون هذه التظاهرة حجة غدا على الأنظمة الغربية، أكثر مما تكون حجة لها، وربما تكون سببا إضافيا لزيادة التشدد، بسبب ما يسكنها من عنصرية كاوية في باب الدماء، والأديان؟! والله أعلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تظاهرة بلا مساواة في الدماء تظاهرة بلا مساواة في الدماء



GMT 11:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 11:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 11:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 11:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 11:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 11:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 11:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 11:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday